للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفقيه الفزاني الذي كان يُعلِّم أولاد علي الأطيوش وكان محل احترام عارفيه وهكذا فكل من كان يحفظ القرآن ويتلوه يكون محل الاحترام فأرسله صف الشرق ومعه رجلًا آخر إلى الشيخ ابن رزق الله يطلب منه باسم صف الشرق التفاهم للوصول إلى تحسين العلائق والجوار.

المقصود من طلب التفاهم هو أن يبقى صف الشرق ببرقة حتى يحصدوا زراعتهم ويستعدوا للرحيل إلى الجبل الأخضر إن لَمْ يمتزجوا مع صف الغرب بدون قتال بين الطرفين، ويطلب أيضًا صف الشرق من الآخرين أن يراعوا حرمة الزراعة ويمنعوا حيوانهم من أكلها وتخريبها، ولكن الشيخ ابن رزق الله لا يعبأ بصف الشرق المستضعف في نظره وقد أبى أن يجيب هذا الطلب المتواضع ورفض أن يسمعه، وليته وقف عند هذا الحد بل تعداه إلى ما هو أبشع وأفظع من ذلك فقد أمر بعض رجال قومه بذبح الفقيه المرسل إليه ورفيقه فذبحهما كما تذبح الشياه وحملهما على جمل وأرسل من يوصلهما مصلوبين إلى منتجعات صف الشرق كتهديد وإنذار (١) فاشمأز صف الشرق من هذه الفعلة النكراء وهذا التهديد المر وأراد رجاله أن يبادلوا صف الغرب بالجزاء من جنس العمل ولكن أصحاب الرأي منهم رأوا أن يتخذوا طريقًا وسطًا يضمن النجاح في المستقبل القريب بالتؤدة والصبر لا بالعجلة التي تأتي أحيانًا بالضرر، فأراد شيوخ صف الشرق أن يذهبوا بأنفسهم إلى أعدائهم رغم العمل الذي يحتم المبادلة بنوعه، وكان الشيخ أحمد اللواطي قويا شديد الانفعال عصبي المزاج ثائرا من طبعه فطلب منه إخوانه أن لا يذهب معهم تفاديًا للشر وخوفا من بادرة تبدو منه يصعب ردها فختم رأيه أن لابد من مصاحبة قومه ولما يئسوا من إقناعه على البقاء اشترطوا عليه أن لا يشترك في المفاوضة وأن يحضر كمستمع فقط فقطع على نفسه بذلك عهدا ولما وصلوا إلى منتجعات صف الغرب تباطأ الشيخ ابن رزق الله في مقابلتهم وبعد مدة زمنية


(١) كتب شيوخ صف الغرب إلى قبائل العلايا بهذه الأغنية الآتية وأرسلوا بها مع جثمان الفقيه المذبوح:
ففيهيك اللِّي قراك … أن جيت بالطيوش تلحقه

<<  <  ج: ص:  >  >>