للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قابلهم مقابلة تكلف وكانت بيده عصاة صغيرة من ذهب يداعبها بيديه وبدون أن ينبث ببنت شفة وكان ملثما وترك الكلام لأعوانه، ولما لَمْ يصل أحد الفريقين الفائدة أزال ابن رزق الله لثامه من وجه ونطق قائلًا (اسمعوا يا سعادي أن برقة ظهر حمار لا تسعنا جميعًا) يقصد بظهر حمار أنَّها ضيقة فأجابه الشيخ أحمد اللواطي قائلًا (أن كانت برقة ظهر حمار لا نركبه إلَّا نحن) وأردف كلمته باليمين المعظم عندهم وقتذاك وهو الطلاق وانفض الاجتماع في شيء من الاضطراب فركب العلايا خيولهم وذهبوا سراعًا إلى أهليهم وبقي شيوخ صف الغرب بمحلاتهم. كان ابن رزق الله قد أرسل إلى قبائل الجوازي يطلب منهم القدوم إلى برقة ليتعاون بهم على عن العلايا ويقاسم الجوازي في ملكية برقة، وقد علم العلايا بذلك فتأكدوا أن لا حيلة للبقاء ببرقة دون القتال وأنهم تحملوا الكثير من الإهانات في سبيل الوصول إلى التفاهم وهم الذين كانوا لا يتحملون أقلّ إساءة وخشوا أن تصل قبائل الجواري التي تريد الانتقام فتقوى شوكة ابن رزق الله فاتفق شيوخ قبائل العلايا على إرسال الشيخ أبو خريص الكزة إلى زعيم قبائل الحرابي وقتذاك الشيخ حدوث بن مقرب يستنجدونه فأرسل مع الشيخ أبو خريص كوكبة من الفرسان وفي طليعتها ابنيه الجالي وأبي بكر وشقيقه جلفاف (١) وفي هذا الأثناء وصلت سرية أخرى من قبيلة العبيد المساعدة العلايا وقد ذهب أفراد هذه القبيلة المخازن العلايا كي يأتون منها بتمر وتسمى المخازن كوف - ولعلَّها من كهوف ومفردها كاف - فلحق بهم ابن رزق الله وقتلهم عن آخرهم (٢).

لما رجع شيوخ صف الشرق إلى أهليهم من منتجعات ابن رزق الله أراد هذا الأخير أن يجامل العلايا ويريد بذلك إيهامهم كسبًا للوقت حتى تصل قبيلة الجوازي فوصل إلى منتجعات العلايا الذين أكرموه وبنوا له بيت الكاسح الكيلاني


(١) يقول شاعر صف الشرق مادحًا أبا خريص لمجيئه بنجدة البراعصة:
بو خريص شيال للكيل … يشيل شيل عات الجمال
ركوه دلو لا فوق م القيد … صعيب تلها ع الرجال
(٢) يقول صف الشرق بمناسبة قتل فرسان العبيد الذين قتلهم ابن رزق الله:
سريت العبيد فداك … أتريد تمر راحت كلها

<<  <  ج: ص:  >  >>