للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجال البراعصة في شيء من الغضب والسخط ومرُّوا بإبل لعائلة الخرصاني والعلالقة وكلتيهما من العبيدات وأخذوها بعد أن قتلوا ثلاثة من رعاتها وأرسلوا إلى اللافي أبو هرهرة يخبرونه بعملهم انتقاما منه (١).

وكان لأحد المقتولين قريب يُدعى أبو بكر الخرصاني قد عزم على أن يقتل الشيخ سعيد أبو زوير أحد أعيان البراعصة المشهورين لأجل قتل قريبه وأن لا يرضى بدلًا من سعيد رجلًا آخر، وأخذ يتربص به الفرص خفية حتى مر ذات يوم بقرب منتجع البراعصة ودنا من بيت سعيد فرآه يوقد نارا ليتخذ منها نورًا لضيوف عنده فرماه برصاصة خر الشيخ سعيد صريعًا، فتأثر البراعصة لهذا الحادث لأنَّ قتيلهم من أعظم رجال برقة ولا يصح في رأيهم أن يُقتل لأخذ ثأر من هو أقلّ منه.

وبينما كان البراعصة يفكرون في الانتقام سمعوا أن الشيخ لطيف أبو شولاك عمدة قبيلة العبيدات ومن أشهر أعيان قبائل السعادي وقتذاك قد توجه المدينة بنغازي لقضاء مصلحة فاقتفى أثره ولدا الشيخ سعيد أبو زوير وهما بن علي والمبروك ولما وصلا إلى بنغازي أخذا في خفية يبحثان عنه حتى علمًا أنه في صباح غد سيتوجه إلى قصر الحكومة بطلب من والي بنغازي وهناك استعدا لقتل غريمهما فقربا من قصر الحكومة حتى رأياه قد نزل من القصر (هو بلدية بنغازي الآن) فدنوا منه وشعر هو بدوره أن هذان سيقتلاه فخف سيره ليدخل إلى المقهى المحاذي للقصر (مقهى برلاتو الآن) وكان يرى من العيب أن يستغيث أو يرفع رجله جريا فضرباه قبل دخوله المقهى وفرا هاربين. أراد البراعصة بعد قتلهم الشيخ لطيف أن يصطلحوا مع العبيدات فمهدوا لذلك وأحضروا الجرود والبرانيس كما جرت بذلك العادة لإهدائها إلى أهل المقتول واجتمع الكثير من مشايخ مختلف القبائل للصلح وإطفاء الفتنة قبل أن يتسع خرقها فحصل الاتفاق بادئ ذي بدء، وكان من بين


(١) أرسل البراعصة إلى اللافي أبو هرهرة بالكلمات الآتية من الشعر الشعبي توبيخا له:
صاحب جردك يا وجاه … أخذا ثوبك الحلال أمعاه
جاكم ما غاب … أخذنياقك من ذيل (أغراب)
وحط ثلاثة هم حق عداه

<<  <  ج: ص:  >  >>