الذين سلبوا الإبل وقعدوا لهم في وادي الأبيض (شمال السعودية) يرصدونهم فأشار الطوال الأحيوي عليهم أن ينتشروا في أنحاء الوادي حتى إذا ما جاءهم الغزاة أطلقوا عليهم النار من بواريدهم (١) من كلّ مكان فيظنون أنهم قوم كثيرون، وهكذا تم ما أشار به الطوال، فما أن وصل الغزاة بالإبل حتى انطلقت عليهم النار من كلّ اتجاه ففروا تاركين ما سلبوه طالبين النجاة، ومن آثار تلك الوقعة رجوم في وادي الأبيض ذكرى تلك الحادثة، وقد عاد الرجال بالإبل والأغنام إلى ديارهم في عفال فلما عاد خضر الهلولي وقومه من الخمايسة وعلموا بما جرى لقبوا الطوال الأحيوي بالنشاري؛ لأنه أمر الرجال بالانتشار فكان سببًا في إعادة الأسلاب، ثم إن خضر الهلولي زوَّج ابنته حسينة للنشاري وكان له منها سبعة أولاد هم أجداد النْشِّرَة بالوقت الحاضر، ووَسْم النْشِّرَة الحنيك على الفك السفلي للبعير وهو نفس وَسْم قومهم الأحيوات، والدارع وهو مطرق عمودي على ذراع البعير وهو مأخوذ من وَسْم بني عطية أخوالهم. وذكر بعض الباحثين في السعودية وبعض الباحثين الأجانب النْشِّرَة وعدَّهم بيك باشا من عشائر الخمايسة من بني عطية، وذكرهم قلبي واستدل بأحدهم أي أخذه دليلًا بنواحي جبل اللوز الشاهق (في شمال غرب السعودية) وقال: كان دليلنا الجديد يدعى زيد وهو من فخذ النشارة التابع لقبيلة بني عطية، وقال أيضًا: أخبرني زيد صدفة عن مجرى ماء شعب حجيَّة على أنَّه يؤدي من عفال إلى جبل اللوز. كما ذكرهم حمد الجاسر الباحث المسعودي المعروف وقال: النشارة بطن من بني عطية يسكن غرب تبوك وقد عدَّهم من الخمايسة. وقال القثامي العتيبي: أما ما هو جنوب صريم في اتجاه حجية وجبل اللوز فيعود إلى بني عطية لفخذ يقال له النشاري وأحدهم نشاري.
قلت: وهم الآن من سكان جبل اللوز وهو أعظم جبل في حِسْمى يرتفع ٢٠٩٨ قدمًا فوق سطح البحر وهو إلى الشرق من البدع وإلى الجنوب الغربي من وادي عفال، والنْشِّرَة من الأحيوات ليس فيهم شك ودخلوا قديمًا كما أسلفنا في بني عطية، ولهم أخبار كثيرة، ومنهم فريق في الديار المصرية في عداد الأحيوات وفخوذهم: الربايعة، والسرايعة، والظوَّة، والعليات، والفراحين، والمعالية،
(١) كان البارود في عهد الأتراك عبارة عن فتايل تُحشى ملح وبارود ثم تُطلق. وهذا طبعًا في بداية صناعة الأسلحة وقتئذ.