أقول: ولم يذكر ابن خلدون هنا العلة التي سُموا من أجلها أعشاشا.
قد يقال: إن المتعارف بين الناس أن الإنسان إذا كثرت ذريته يسمونه عشا تشبيهًا بعش الطائر الذي يجمع فيه العيدان والريش، والجمع عشاش وأعشاش، فعلى هذا سميت هذه الطوائف الكثيرة أعشاشا، والبخاري على ألسنة العامة الآن هو ما ذكره الشيخ العدواني ومعناه هكذا: أنهم ينتسبون إلى رجل اسمه العش بن عمر بن سليمان بن محمد اليربوعي.
أقول: يربوع هو ابن حنظلة من مالك بن زيد مناة بن تميم بن مرة بن أن بن طابخة إلى آخر نسب الربايع السابق.
وكان منزل العش المذكور في قرية من أعمال نفزاوة يقال لها تلمين الكبرى.
وقال الشيخ العدواني: وكان العش مباشرا بها تحت عاملها المسمى إبراهيم بن كنعان الكربي فكلفه أمير تونس بقضاء بعض المآرب لاتهامه للعامل فيها، وبعد تمامها وعده بالولاية في خطة المذكور وأرجعه بهدية عظيمة وأمره بأن يأتي بكتابة من أهل البلاد في عدم رضاهم بابن كنعان وقبولهم ولاية العش عليهم وحسن سيرته معهم، فلما أراد العش قضاء ذلك الوطر بلغ خبره العامل فأحضره واستخبره فكتمه الأمر، فلا زال يردده حتى أحس منه بالشر، فقال له: إن الأمير بعث معي بهدية لك وعريضة فيها تجديد الولاية لك فأرسل معي من يأتي لك بها. وكان منزله بعيدا عن نادي القوم، فبعث معه خادمه حارثا ليحرسه ويأتي معه بالهدية إن لم يقدر على حملها، ودخل العش منزله وشرع في جمع الأثاث والنقود وحمل ذلك على أربعين جملا وأخرجها من ناحية أخرى من الدار وذهب معها النساء وأبناؤه السبعة وهم: الفقيه، وسعد، ومرجان، وخليفة الأبتر، وجبنون، وجبر، وصفيان. وكانت لهم خيول ركبوها وساروا نحو طريق سوف إذ هي أم الهارب، وهذا كله بمسمع ومرأى من حارث موصى بكتمه. وكان للعش