للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كتاب الشريثسي الكبير جاء ما نصه: قال الأصمعي: نزلت عدوان ماء فأحصي عليه سبعون ألف غلام أغرل (١) سوى ما كان مختونا لكثرتهم.

وكانت الإجازة في خزاعة فغلبتهم عليها عدوان والذي كان يجيز الناس رجل يُسمى أبو سيارة، أجاز الناس على حمار له من المزدلفة إلى منى أربعين عاما، فقيل في المثل السائر: أصبح من عير أبي سيارة، وكانت إجازته أن يقول: اللهم حبب بين نسائنا، وبغض بين رعائنا، واجعل المال في سمحائنا، وأوفوا بعهدكم، وأكرموا جاركم، واقروا ضيفكم، ثم يدفع فيقول:

خلوا الطريق عن أبي سيارة … وعن مواليه بني فزارة

حتى يجيز سالما حماره

وقال ذو الإصبع العدواني أبياتا في شأنهم، أي شأن بني عدوان أستحضر الآن بيتين وهما:

ومنهم من يجيز الناس … بالسنة والفرض

ومنهم حكم يقضي … ولا ينكر ما يقضي

والحكم الذي ذكره ذو الإصبع هو عامر بن الظرب المتقدم الذكر والمشهور بذي الأعواد (الكرسي) وفيه يقول الأسود بن يعفر:

ولقد علمت لو أن علمي نافع … أي السبيل سبيل ذي الأعواد

جاء في كتاب "سرح العيون" أنه (أي ذا الأعواد) أول من قضى (حكم) في الخنثى المشكل (٢) على الصحيح؛ وذلك أنه اختصم إليه في رجل له ما للمرأة (فرج) وما للرجل (ذكر) أيجعل رجلا أم امرأة؟ فقال لهم انصرفوا عني حتى أنظر في الأمر فما نزل بي مثله فانصرفوا، وبات ليلته ساهرًا، وكانت له جارية ترعى غنمه يقال لها سخيلة كان يقول لها إذا سرحت عنه بكرة ضحيت يا سخيلة لأنها


(١) الأغرل: هو الصبي الذي لم يختن.
(٢) اغتنم المؤلف كعادته مناسبة الحديث عن عدوان ورجالاتهم ليقدم حكما شرعيا نادرا يتعلق بالخنثى المشكل ضمن قصة لطيفة وكان الحكم مبنيا على الاستدلال بالعلامات، ثم إنه اتخذ الحكم المذكور مطية لبسط ظاهرة محلية لها مساس كبير بمجتمع أهل الصحراء خاصة الواد سوف وهي قضية آثار الأقدام المسماة الجُرَّة كما سيأتي ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>