للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبلدة ليس بها أنيس … إلا اليعافير وإلا العيس

ثم بعد ذهابه رجعوا إلى منازلهم فمكثوا برهة فبلغهم أن أبا بكر بن أبي زكريا أخا الأمير خالد الذي كان خلفه بعده واليا على قسنطينة قد انتقض على أخيه خالد، وجمع جموعا من العرب يريد التوجه بها إلى تونس، فكانت طرود في مقدمتها ولما دخلوا إفريقيا أتتهم النجدات من طرابلس والنواحي القبلية، ولما سمع خالد بذلك خرج بجموعه في ظنه أنه يفتك بالقائمين عليه وبعث الطلائع تترصدهم فأخبروه بأنه لا طاقة له على الجيوش المقبلة التي سدت جميع النواحي والضواحي فلم يصدق حتى عاين ذلك بنفسه، وحاول الرجوع مختفيا ليطلب الصلح فلم يستطع واستشار أرياب دولته فشجعوه على القتال وأوهموه بضعف جانب العدو وأطمعوه فيه وحذروه من الرجوع، فحارب متمثلا بقول القائل: "مكره أخاك لا بطل"، فأول من بادر إلى لقائه طرود، وقامت الأقوام في إثرهم وقووا شوكتهم فقاوم خالد غير طويل ثم رجع منهزما يطلب النجاة لنفسه، فلحقه طرود يريدون قتله دون رعيته فسبقهم إلى أحد أبواب المدينة وأغلقه دونهم فضربه أحدهم برمحه فثقبه، وإلى الآن يقول طرود مفتخرين: "دقتنا في باب خالد"؛ يعنون الباب الذي أغلقه خالد لا بابا يُسمى بهذا الاسم، ثم إن الأمير خالدا حين حصل الأمن لنفسه خلع نفسه بنفسه وكان ذلك في حوالي عام ٧١١ هـ الموافق ١٣١٢ م.

ثم أفضت الدولة إلى زكريا اللحياني وبنيه، وكانوا يكرمون طرودا ويرفعون منزلتهم فسكنوا باجة حيث كانت محلا لبني أبي زيد وبني علي من إخوانهم وأطالوا فيها الإقامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>