للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعاد الابن علي أبيه مسروق ما سمعه، فقال لهم مسروق: انتقلوا الآن وإن بقيتم إلى غد تصبح عندكم خيل الأمير فلا يبقى منكم أحد فإنه حاقد عليكم بسبب فعالكم السابقة مع عامله وكلامه معكم يدل على ما في صدره من أجلكم فإياكم والإقامة هنا، ثم رحل مسروق ومن أطاعه وهم الكثير وتوجهوا إلى صفاقس ثم منها إلى قفصة وقمودة، وبقي أصحاب الطمع في محلهم وبعد يومين هاجمتهم عساكر عامل ترشيش ولم يتركوا منهم إلا من أعاد الخبر.

ثم بعد حين؛ انتقل بعض طرود وهم القليلون ونزلوا بباجة ظانين أن صاحب ترشيش يقربهم لبراءتهم من المشاركة في القتل والنزاع وانتقل الباقون إلى عقلة الطرودي وبودخان والميتة وسرحوا مواشيهم بأطراف الجبل وقطنوا هناك بادين بخهيامهم من غير أن يجعلوا قرية وكان نزولهم في هذه الأرض تقريبا في حدود عام ٦٩٠ هـ الموافق ١٢٩٢ م.

ثم إن الذين بباجة تضرروا بالوخم وجاءهم النذير أن الأمير عاقد العزم على استئصالهم فأجمعوا على الخروج منها والذهاب إلى غيرها فأرسى رأيهم على اللحاق بإخوانهم فارتحلوا وبقي منهم بنو أبي يزيد وبنو علي بباجة شمال تونس.

وما زالوا سائرين حتى وصلوا عقلة الطرودي ونزلوا بها وصارت أماكن الجميع في نواحي فركان ونقرين وأطراف الزاب الشرقي والصحراء التي بين نفطة والجردانية.

وبقي الغيظ كامنا في صدورهم من الولاة الذين بإفريقيا بحيث كلما سمعوا بمن ينتقض عليهم أو يحاربهم إلا ويتعصبون معه ويعينونه عليهم حتى كانت ولاية الأمير خالد بن أبي زكريا الذي أساء الفعل مع الرعية، ومرت بعض القبائل التابعة له في حال مروره إلى قسنطينة في المرة الثانية والتقت بعرب طرود وتحاربوا ولما التحقوا بالأمير أخبروه بما كان من طرود، وكان مغتاظا منهم من زمن أبي عصيدة وأبي حفص، فعزم على الانتقام منهم في عودته، فلما سمعت طرود بذلك فروا إلى الصحراء القبلية ونزلوا على ماء يقال له المنقوب يبعد على نفطة بنحو يوم في الجهة الغربية. وفي حال رجوع خالد إلى تونس بعث العيون (الجواسيس) إلى منازل طرود فوجدوها كما قال شاعرهم:

<<  <  ج: ص:  >  >>