للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حينئذ رجع جماعة زناته بالطعام ووقع في نفوسهم من ذلك شيء ولكنهم لم يجزموا فأراقوا ذلك الطعام في حفر عميقة وردموا عليها بالتراب.

ثم من الغد قدم فتيان طرود وظهر أن أمر الإبل لم يكن منه شيء فتيقن الزناتيون بأنه أخبرهم بالمكيدة مخبر ولا يكون غير واحد من أصحاب المجلس إذ لم يطلع غيرهم على ذلك الخبر قبل إحضار الطعام حيث حذروهم من الأكل منه.

وذهبوا يطوفون حول السور عساهم يجدون أثرا فوجدوا أثر قدمي (١) العبد أي خادم سيدي عبد الله عندما نزل السور ذاهبا إلى طرود وراجعًا من حيث نزل. فأتوا إلى سيدي عبد الله ولاموه على فعله وتهددوه، قيل وفرقوا بينه وبين زوجته. وأخرجوه من بينهم فنزل بالمحل الذي به زاويته الآن وجعل عريشا له وعريشا لخادمه يتعبدان فيهما.

واتضحت العداوة بين طرود وزناتة وانقطعت المواصلة بينهما، وكانت امرأة من زناتة لها محبة مع رجل من طرود تختلف إليه في بعض الأحايين، فأتته يوما وأخبرته بأن جهة السور الغربية قد سقطت وأنها الآن خالية من الحرس، فأخبر قومه طرودا بذلك واجتمعوا في آخر ذلك الليل وجمعوا شتاتهم ثم هجموا على الزناتيين من جهة السور التي سقطت، وكذلك ذهب بعض من طرود إلى القرية الأخرى وهي بلاد سور وهجموا عليها، فما طلع النهار إلا تم لهم ما أرادوا وانجلى جميع من كان بالقريتين من زناته فمنهم من توجه إلى نفطة ومنهم إلى ورقلة والأكثر إلى تقرت.

وخلا الجو لطرود بعد انجلاء زناته عن الأرض فجالوا فيها من غير معترض وانتشرت أحياؤهم واتسعت مراعيهم واستتب أمنهم ولله في خلقه شؤون.

وكان ذلك في عام ٨١٨ هـ الموافق ١٤١٦ م تقريبا، أعني أن انتهاء تلك الحوادث وحصول الراحة في ذلك التاريخ لا دخولهم كما سبق لك خبره. والله أعلم.


(١) يبدو مما ذكر أن آثار الأقدام (الجرة) كان معمولا بها لاكتشاف أصحابها منذ عهد البربر بسوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>