للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمد بهديتهم وطاعة أبا العباس أول سنة ٨٨٣ هـ وهو معسكر بساح تبسَّة فأعرض عن حربه.

ثم مرض بعدها في الطاعة، فخرج إليه سنة ٨٨٦ هـ ومعه بني سُلَيْم، ومر بتبسَّة وجنوب أوراس وتهودا، وانضم إليه أولاد سباع بن شبل وانفت بقية رياح من دخول سُلَيْم مواطنها، وتناوش الفريقان القتال، وانتبذ عنهم يعقوب ساعيًا في الصلح فتم بإقلاع السلطان عن بسكرة وبذل أحمد له طاعته وجبايته.

وقويت الدولة الحفصية بضعف دولتي زناته، وقطعت عنها كل المستبدين، ولم يبق إلا بنو مزني، فخرج إليهم السلطان أبو فارس بن أبي العباس سنة ٨٠٤ هـ ومكث أيامًا ببئر الكاهنة، ثم دخل بسكرة يوم السبت سابع جمادى الثانية، وولى عليها من قواده وحمل معه أحمد بن يوسف إلى تونس، فانتهت أمارة بني مزني.

وقد عاشت هذه الإمارة نحوًا من قرن ونصف تخللها بنو رمان بين فضل بن علي وابنه منصور، ولم يعرف الزاب إلى اليوم عصرًا كعصرها هناء ورغادة عيش لما كان عليه بنو مزني من حسن التدبير والإدارة، فقد أحسنوا معاملة الذواودة، فاستعانوا بهم، وعرفوا ما بالبلاط الحفصي من دسائس فوصلوا أيديهم بزناته التي لولا تطاحن دولتيها حتى ضعفتا ما سقطت هذه الإمارة في دور اكتهالها.

ومما يحسن ختم هذا الفصل به أبيات للسان الدين ابن الخطيب بعث بها أثناء رسالة لابن خلدون وهو مقيم على أحمد بن يوسف، وهي:

من أنكر غيثا منشؤه … في الأرض وليس بمخلفها

فبنان بني مزني مزن … تنهل بلطف مصرفها

مزن مذ حل ببسكرة … يومًا نطقت بمصحفها

شكرت حتى بعبارتها … وبمعناها وبأحرفها

ضحكت بأبي العباس من الأ … يام ثنايا زخرفها

وتنكرت الدنيا حتى … عرفت سنه بمعرفها

<<  <  ج: ص:  >  >>