وقد حركت انتصارات عبد المؤمن على عرب المغرب الأدنى ولاسيما عرب رياح الذين كانوا أشد نكاية ألسنة شعراء دولته، فبعثوا إليه أو أنشدوا بين يديه بعد رجوعه قصائد يهنئونه فيها بالانتصار، ويصفون ما حل بالعرب من هزيمة وانكسار، فمن ذلك قول الشاعر أحمد بن سيد الأشبيلي المعروف باللص من قصيدة:
فأتت على شيع الضلال كما أتي … ضوء الصبح على سواد الغيهب
ومضت على حد الحسام أعارب … نكثوا عهودا أبرمت في يعرب
لما حداهم للجهاد مشمر … ذهبوا من التأويل أخبث مذهب
فكأنما ألقي الكتاب إليهم … أن الجهاد عليهم لَمْ يكتب
ورأوا غماما لَمْ يشكوا - ضلة - … في أن مسراها لبرق خلب
غطى على أبصارهم قدر الردى … فاستنزروها وهي ملء السبسب
والمرء يطمع بالمطالب ما دنت … منه ويوسيه بعيد المطلب
ولربما حسب الفتي أطماعه … بالترب وهي منوطة بالكوكب
ولو أن غدرهم لذل نالهم … منه لكن الغدر صعب المركب
لكنه أرقاهم من عزة … أعلا المراقي في الجناب الأقرب
بدروا بطوع كالحيا في طيه … خلف كذاكي برقه المتلهب
كالعروض إلَّا أن في أحشائه … أفعى اليباب استجمعت لتوثب
أولى لهم من بطشة قيسية (١) … أخذ البريء بها بذنب المذنب
قد كان في أولى الوقائع زاجر … فيها لذي القلب الذكي الغلب
لَمْ لا؟ وما ذكرت رياح يومها … ألا أراها الطفل مثل الأشيب
(١) نسبة إلى قيس عَيْلان جد عبد المؤمن بن علي حسب مزاعم بعض المؤرخين، … والصحيح أنه من قبيلة كومة من البربر البتر في شمالي غرب تلمسان ويرى بعض المؤرخين أن البربر البتر من بر بن قيس عَيْلان.