يتكلمون لهجة عربية خاصة هي التي اقتبسها منهم أهل المغرب وصاروا يتحدثون بها مثلهم مضيفين إليها كلمات محلية قليلة غير مغيرين من حروفها ولا نبراتها الصوتية إلا ما فرضت طبيعة مناطقهم البربرية تغييره، وقد كان لهذه اللغة أو اللهجة أدب خاص بها يتمثل في أشعارها وأزجالها وحكمها وأمثالها التي تصور حياة أهلها وتسجل وقائعهم وتخلد بعض حكاياتهم الغرامية كقصة الجازية الشهيرة.
ودخل إلى المغرب مع هؤلاء الأعراب عدد كبير من أهل الصعيد المصري والأرمن والترك والتحق بهم فيما بعد عدد كبير آخر من السودان ومهاجري الجزيرة الأندلسية فكان لكل ذلك آثاره وعواقبه، كما تسرب إليه معهم عدد كبير من وسائل العيش وأدواته التي لم تكن معروفة فيه من قبل كالخيمة مثلا، وكثير من النظم والعادات التي تلائم حياة الرحَّل ولا تلائم حياة المستقرين، كنظام (الدوار) الذي هو عبارة عن مخيم مستدير الشكل تسكنه عشيرة أو عمارة أثناء إقامتها وتحمل خيامه وأدواته أثناء ظعنها.
وعلى الجملة فإن الزحف العربي الثاني الكبير على بلاد المغرب لم يكن يضارعه في قوة فعاليته وسرعة تأثيره إلا الزحف الأول الصغير، كلاهما أعطى البلاد المغرب شيئا وكيَّف حياة أهله تكييفا حاسما، فالزحف الأول أعطاهم العقيدة والإيمان، والزحف الثاني أعطاهم اللغة والقومية.
وبعد، فمَنْ يكون هؤلاء الأعراب الذين زحفوا على المغرب هذا الزحف الكبير وأثروا فيه وفي أهله كل هذا التأثير؟ وما هي أنسابهم وشعوبهم وقبائلهم؟