فأما لواتة فكانوا ظواعن، ولهم في الخارجية مواقف وفي حرب بني عبيد مقامات، فأكلتهم الحروب، وأغرقهم سيل الهلاليين فلم يكن لهم في العصر البربري كبير ذكر.
ومن بطونهم صدراتة بنواحي بسكرة ومزاتة بنواحي باغاية وبلزمة وغيرهما. ومن مزاتة محيحة بحائين أو جيمين ودكمة في أفخاذ استوعبها ابن خلدون، ومنعني من نقلها ضعف الثقة برسمها، ويعرف باسم لواتة ثلاث فرق:
الأولى بأوراس: وهم بنو سعادة وبنو ريحان وبنو باديس، ويدهم هي العالية على من هناك من هوارة وكتامة. قال ابن خلدون:"تبلغ خيالتهم ألفا وتجاوز رجالاتهم العدة". ثم غلب عليهم الهلاليون، فصار بنو سعادة في أقطاع أولاد محمد من الذواودة ومن جملة رعاياهم، ودخل بنو ريحان وبنو باديس في طاعة ابن مزني (١) صاحب بسكرة، ولبني باديس أتاوة على بلد نقاوس يقتضونها إذا انحدر الأعراب إلى مشاتيهم، فإذا رجع الأعراب إلى مصايفهم انقبضوا إلى جبلهم.
الثانية قبيلة تاهرت ظواعن على وادي مينة يبلغون شرقًا إلى جبل يغود، يقال: إن بعض أمراء القيروان نقلهم معه في غزوة وأنزلهم هنالك، وكانت لهم حروب مع وجديجن وزناتة أزاحتهم عن موطنهم إلى جبل يغود وجبل دراق (بتشديد الراء) وانتشروا من هنالك إلى الجبال المطلة على متيجة. قال ابن خلدون:"وهم لهذا العهد في عداد القبائل الغارمة، وجبل دراق في إقطاع ولد يعقوب بن موسى مشيخة العطاف من زغبة" اهـ.
الثالثة بنواحي بجاية. قال ابن خلدون:"يتولون بسيط تاكرارت من أعمالها ويعتمرونها فدنا لمزارعهم ومسارح لأنعامهم، ومشيختهم لهذا العهد في ولد راجح ابن صواب منهم، وعليهم للسلطان جباية مفروضة وبعث مضروب" اهـ.
(١) وكما تقدم أن آل مزني هم من الأثبج من بني هلال.