وكان منهم قبل الإسلام أمراء، وأسلموا لأول الفتح، ولهم مع جيرانهم الملثمين حروب وفتن، ولم يزالوا في حدود وطنهم حتى ظهرت منهم دولة الموحدين وفازت منهم هنتاتة بحظ عظيم من الملك على يد أبنائها الحفصيين، فتفرقوا لذلك في ممالكهم، ومنهم أولاد نعمون الذين لم يزل عقبهم بقسنطينة.
ولم تكن مصمودة لتستغل ما وهبها الله من كثرة عدد وخصب موطن ومناعة موقع، لولا أن قبض الله لها من أبنائها محمد بن تومرت، ذلك الرجل الذي كلما أمعن المفكر النظر في حياته ازداد إيمانا بالطفرة واستيقن أن من يبني حياة أمته على قاعدتها هو العظيم الخارق للعادة، وأن من يبني حياة الأمم على قاعدة التدرج وفاقًا لمبدأ النشوء والارتقاء فإنما هو من العظماء العاديين.