للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب الحمار أنهما لأب واحد، وربما نقل عن أيوب بن أبي يزيد نفسه أنهما لأبوين متباعدين، ويصحح ابن خلدون رواية ابن حزم عنه لأنه أوثق.

ويتفق نسابو البربر كهانئ بن بكور الضريسي، وسابق بن سُلَيْمان المطماطي، وكهلان بن أبي لؤي، وغيرهم أن البتر من ولد بر بن قيس بن عيلان. والبرانس من ولد يونس بن سفجو بن أبزج بن جناح بن واليل بن شراط بن تام بن دويم بن دام بن مازيغ بن كنعان بن حام بن نوح عليه السلام.

ومهما كان من أمر هذا التقسيم فإنه يدل على حالة البلاد ويتلاءم مع نفسية سكانها وطبيعة مجتمعهم القَبَلي، كما يدل تقسيم العرب إلى عدنانية وقحطانية على نفس الحالة والطبيعة، وإدراك هذا التقسيم ينير السبيل لفهم تاريخ البربر قبل الإسلام وبعده، فقد أثر تأثيرًا عميقًا في علاقة البربر بالأمم والشعوب التي وفدت عليهم مهاجرة مسالمة أو محاربة متحكمة، كما أثر النزاع بين البرانس والبتر أثرًا بعيد المدى في علاقة البربر بالعرب بعد مجيء الإسلام، فقد حالفت قبائل زناته البترية العرب منذ البداية، بينما حملت قبائل البرانس عبء المقاومة والدفاع، ولما دان البربر لسلطان الإسلام حالفت زناته البترية الخلافة الأموية ووالت صنهاجة البرنسية العلويين وتعصبوا لهم وأيدوا الإمام إدريس بن عبد الله الكامل حينما التجأ إلى المغرب الأقصى، وعندما نبغت نابغة الفاطميين واستقام لهم الأمر كانت كتامة وصنهاجة من البرانس خير أعوانهم وأكثر جنودهم حمية وإخلاصًا؛ فلذلك أمعنوا في اضطهاد الزناتيين والفتك بهم حتى اضطروهم إلى الاعتصام بالخلافة، وأصبح الصراع في المغرب بين الأموين والفاطميين ثم الزيريين مجرد نزاع بين صنهاجة وزناته في الواقع أي بين البتر والبرانس، وكان بلكين بن زيري أمير صنهاجة يقول: لا أمان عندي لبربري ركب فرسًا أو نتج خيلًا أبدًا حيثما سلك من البلاد (١) وقريب من ذلك حدث في الأندلس بعد سقوط الخلافة الأموية، إذ احتدم النزاع بين زناته وصنهاجة مما هدد الوحدة الإسلامية يومئذ بالخطر الجسيم (٢).


(١) مفاخر البربر في القرون الوسطى ص ٤.
(٢) قيام دولة المرابطين ص ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>