للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البربر فلاحظوا اختلافًا في أزيائهم، فمنهم قبائل ترتدي البرنس الطويل ذا القب (١) المخروطي، وهذه سموها البرانس ومنهم قبائل تلبس برنسًا قصيرًا لا قب له وهذه سموها البتر أي الناقصة المبتورة مثل بتراء زياد ابن أبيه، وهذا التأويل غريب يبعث على الضحك والسخرية وهو لا يخرج عن كونه مجرد افتراض لا يقوم على أساس قوي، وقد لاحظ كوتي الذي حسبه ينبني على معرفة عميقة باللغة! أنه افتراض لا ينطبق على القبائل البربرية كلها، فالملثمون من بربر الصحراء يصعب إدراجهم في طائفة من الطائفتين، وهم برانس ولكنهم لا يلبسون البرنس مطلقًا، ولا يحتمل أنهم لبسوه في عصر من العصور، كما لا يظن أن هناك علاقة بين قب البرنس وبين اللثام عند أهل الصحراء، ثم يلاحظ كوتيي أن البرنس هو لباس الفرسان، وأن الذين يلبسونه حاليًا في المغرب هم حفدة البتر على الخصوص.

ومن الباحثين من جعل الفارق شبه سلالي، فذكر أن الطائفتين تمثلان موجتين مختلفتين إحداهما تمثل أهل البلاد الأصليين والأخرى تمثل الوافدين الجدد الذين اغتصبوا منهم بلادهم وزاحموهم فيها، ولعل هذه النظرية أصح النظريات لوجود ما يدل عليها من روايات النسابين والمؤرخين واستنتاجات الباحثين الاجتماعيين، وإليها مال العلَّامة رود Rodd الذي يعد من أكبر الباحثين في التوارك (٢) والمؤرخين لهم في العصر الحاضر، فقد ذكر أن هذا التقسم باق إلى اليوم في قبائل التوارك، وأن القرية الواحدة تشتمل على عنصرين متباغضين بغضا سرمديا، أحدهما ينتمي إلى البرانس والآخر يعتزى إلى البتر، وعلل ذلك بأن هذا الخلاف الدائم لا بد أن يكون منبعثًا في الأصل على اختلاف سلالي (٣).

وذكر ابن خلدون أن علماء النسب متفقون على أن البربر يجمعهم جذمان عظيمان، أحدهما يسمى مادغيس الملقب بالأبتر؛ ولذلك يقال لشعوبه البتر، والآخر يُدعى برنس ويقال لشعوبه البرانس، وذكر أن بين النسابين خلافًا هل هما لأب واحد؟ فعن ابن حزم فيما حدثه به يوسف الوراق عن أيوب بن أبي يزيد


(١) غطاء الرأس الملصق بجلابة أو برنوس.
(٢) التوارك: قبائل الصحراء المغربية ويكتب المشارقة الاسم طوارق وهو خطأ.
(٣) Rodd: People of the vail p. ٣٨٨

<<  <  ج: ص:  >  >>