كانت تسكنها قبائل أزداجة البرنسية، ولا يعود للقبائل البرنسية ظهور إلا عند الوصول إلى سلاسل جبال الريف والأطلس المتوسط، فابتداء من نهر كرط توجد منطقة تسكنها قبائل صنهاجة مثل بطوية وبني ورياكل وبني زروال، وبعدها تبدأ قبائل شعب مصمودة بغمارة شمالًا ودكالة وسطا وقبائل جبل درن جنوبا حيث تعود صنهاجة الجنوبية (الزناكة) إلى الظهور من جديد، وفي إقليم سوس وما يجاوره شرقا من أقاليم درعة وسجلماسة والمنطقة الواقعة بين ممر تازة والصحراء، وفي المنطقة التي تمثل وسط المغرب الأقصى كانت تسكن قبائل بترية مستقرة مثل وشتاتة وزمور وصدينة ومغيلة ومديونة ومطماطة وزواغة وقبيلة أوربة التي وجدها الإمام إدريس بن عبد الله الكامل مستقرة بجوار جبل زرهون فآوته ونصرته لقرابته من النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعانته على تأسيس الدولة الإدريسية.
ووراء ذلك كله كانت الصحراء المغربية الكبرى قبائل الملثمين التي ينتمي معظمها إلى شعب صنهاجة وينتمي أقلها إلى شعب هوارة وكليهما من البرانس، وقد أعطى الشعب الهواري اسمه للصحراء الشرقية فصارت تُدعى هكار وهو تحريف كلمة هوار كما تقدم.
ولست في حاجة - أخيرا - إلى القول بأن التوزيع السابق للقبائل البربرية إنما يتعلق بالفترة الممتدة من الفتح الإسلامي إلى مجيء بني هلال، وأنه حتى في هذه الفترة نفسها لم تكن قبائل البربر تلتزم المقام في ناحية واحدة بل كان منها قبائل تنتقل من جهة لأخرى إما فرارا من قبيلة عدوة غلبتها وإما تنفيذا لتعليمات حكومية وصلتها، وكانت القبيلة عندما تنتقل ترحل تارة برمتها ويرتحل تارة أخرى بطن أو عدة بطون منها حاملين معهم اسم القبيلة الجامع بينهم وبين بقية بطونها، وهذا هو السر في أننا نجد لواتة ومطماطة ورهونة مثلا بأدنى المغرب ووسطه وأقصاه. (انتهى).