وأجمع رأيهم على مغادرة دار البلقا والعودة إلى نجد ثم أرسلوا للمحفوظ طالبين منه إعطائهم المهربات الثلاثة، فأعطاهم وأقسم أنه لا بد أن يلحق بهم في نجد ويبيدهم عن بكرة أبيهم، وسارت قوافل الحسنة عائدة فقطعوا الفجة وحوران حتى نزلوا على ميقوع قرب دومة الجندل وجرد المحفوظ عشائر البلقا ولحقهم بجيش لجب حيث أدركهم حابسين الظعن على ميقوع وقد كملوا استعدادهم للمنازلة، وقامت بينهم معركة ميقوع المشهورة حيث ضربت عنزة في تلك المعركة أروع أمثلة البطولة والفداء والتضحية، حتى خيل لي عند سماع الراوي لرواية القصة أنه يتحدث عن معركة ذي قار، لا غرابة في ذلك فإن هؤلاء أحفاد بني وائل أصحاب معركة ذي قار، ونتيجة القصة انتصار عنزة ودحر قبائل حوران والبلقا وقد قتل المحفوظ، ثم بعد ذلك تشاوروا على العودة للبلقا فقالوا إن تلك الديار ما نستطيع التخلي عنها وإذا عدنا سيقوم أعداؤنا بالانتقام ولكن قبل المسير سنرسل لبعض مشايخ عنزة بنجد، فأرسلوا النجيدي من المصاليخ على الطيار، وابن سمير وابن خليل وابن جندل وابن معجل والقعقاع وابن غبين وهم شيوخ عنزة، فذهب النجيدي وألقى أمام الشيوخ قصيدة يوضح لهم معاناة المصاليخ والحسنة ورغبتهم لوصول تلك الديار، يستحثهم لنجدة المصاليخ، ولمساعدتهم على الدخول في ديار البلقا وحوران، ومن ثم سارت موجات عنزة وصار ما ذكر بالتواريخ عنهم في تلك الديار.
وهذه قصيدة النجيدي يستحث بها مشايخ قبيلة عنزة لنجدة قومة:
قال النجيدي من عذيات النبا … الذ من در الكبار العسايف
وخلاف ذا يا راكب فوق عوصى … ما فوقها إلا كورها والسفايف
فوقه غلام للفيافي مضرا … يبي السرا وعن نومة الليل عايف
ادل من القطاة في غالس الدجا … رامت ضناها بلحزوم الصلايف
قم يا نديبي فوقها لا تونّا … ازبن على اللي زبنوا كل خايف