للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على النخلة السحوق بين الدور والطريق فسيروا على وتيرة ثم الحيرة الحيرة، فسميت تلك القبائل تنوخ (من قُضَاعة) لقول الزرقاء مقام وتنوخ، ولحق بهم قوم من الأزْد القحطانية فصاروا إلى وقت أو عهد ابن عباس في تَنوخ أو عهد البكري بعد الإسلام بعدة قرون لذكره كلمة - صاروا إلى الآن - ولحق سائر قُضَاعة موت ذريع، ونزلت فرقة من بني حلوان بن عمران يقال لهم بنو تزيد بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قُضَاعة ورئيسهم عمرو بن مالك التزيدي فنزلوا عَبْقر من أرض الجزيرة، فنسج نساؤهم الصوف وعملوا منه الزرابي فهي التي يقال لها العَبْقرية، وعملوا البرود وهي التي يقال لها التزيدية، وأغارت عليها الأعاجم فأصابتهم وسبت نساء منهم فذلك قول عمرو بن مالك بن زهير:

ألا لله ليل لم ننمه … على ذات الخضاب مجنبينا

وليلتنا بآمد (١) لم ننمها … كليلتنا بميَّا فارقينا

وأقبل الحارث بن قراد البهراني (من بهراء بن عمرو بن الحاف بن قُضَاعة) ليعيث في بني حلوان فعرض له أباغ بن سليح صاحب عين أباغ فاقتتلا، فقُتل أباغ ومضت بهراء حتى لحقوا بالأعاجم فهزموهم وأستنقذوا ما بأيديهم من بني تزيد من السبي .. فقال (٢) الحراث بن قراد البهراني:

كأن الدهر جمع في ليالي … ثلاث بتهن بشهر زور

صفقنا للأعاجم من معد (٣) … صفوفًا بالجزيرة كالسعير

لقيناهم بجمع من عِلاف (٤) .... ترادى بالصلادمة الذكور

وسارت سَلِيح بن عمرو بن الحاف بن قُضَاعة يقودها الحدرجان بن سَلَمَة حتى نزنوا ناحية فلسطين على بني أذينة بن السميدع من عامِلة، وسارت أسْلُم بن


(١) آمد: من بلاد الأتراك في الأناضول وهذا يدل على مطاردة بني تزيد للأعاجم بعد سبيهم لبعض نساء منهم على حين غرة.
(٢) وقال البكري أنه قيل: جُدي بن مالك هو قائل هذا الشعر بعد النصر على العجم.
(٣) مَعْد: يقصد الشاعر هنا أن قُضَاعة من مَعد بن عَدنان لا حِمْيَر قحطان كما يذهب غالب وجمهرة العلماء.
(٤) عِلَاف: قبيلة قُضاعية مع بني تزيد بن حلوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>