فلما بدأ التدوين لم يجد المعللون أمامهم شيئًا يقولونه فلجأ كثير منهم إلى إيراد أقوال هي أقرب إلى الخرافة يقصد قولهم فَدَك بن حام، وذكر الشيخ ما عُرفت به فَدَك من الزراعة والصناعة في القديم، وأن تمر فَدَك مشهور بالجودة، وفيه قيل:
من عجوة الشق (١) نطوف بالودك … ليست من الوادي، ولكن من فَدَك
وفي تاريخ المدينة لابن شبّة في الحديث عن صدقات علي أن له بناحية فدك واد فيه نخل ووشل من ماء يجري وعلى بستانه زرنوق فذلك في صدقته، وله بناحيتها أيضًا واد يقال به الأشجن وبنو فزارة تدعى فيه ملكا ومقاما وهو اليوم - أي في عهد ابن شبه - في أيدي ولاة الصدقة.
وكان مما ذكره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لُفَّ يوم موته بقطيفة فدكية، والذي أورده الشيخ حمد عن هذا الموضوع هو ما ذكره ابن هشام في السيرة من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ركب حمارًا فوقه قطيفة من صنع فَدَك.
قلت: يبين لنا أن ما ورد في هذا البحث عن مواقع بني عبس من غطفان مثل حرّة النار وحرَّة ليلى وحرَّة خيبر وحرَّة الكورة وحرَّة عبس ولابة ضرغد وجبل الرأس الأبيض وجبل البصر وفدك (الحايط) وضغن عدنه وأثقب والعلم وروضة الأجداد (الروض) والرقم (الرقب) ويديع (الحويّط) ووادي الرَّمة ووادي أقر ورخّة وغيرها - مما ورد في هذا البحث وبحوث أخرى هي من ديار بني عبس وما زالت تسيطر عليها بالوقت الحاضر أهم فروع بني رشيد العبسي في الحجاز ونجد بالمملكة العربية السعودية.