للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالعمى لو كان في أجفانهم نظروا … والخرس لو كان في أفواهم خطبوا

والنقع يوم طراد الخيل يشهد لي … والضرب والطعن والأقلام والكتبُ

وقال يفتخر:

إذا كان أمر الله أمرًا يقدر … فكيف يفر المرءُ منه ويحذرُ

ومن ذا يردُّ الموت أو يدفع القضا … وضربته محتومة ليس تعبرُ

لقد هان عندي الدهر لما عرفته … وإني بما تأتي الملمات أخبرُ

وليس سباع البر مثل ضباعه … ولا كل من خاض العجاجة عنترُ

سلوا صرف هذا الدهر كم شنّ غارة … ففرجتها والموت فيها مشمّرُ

بصارم عزم لو ضربت بحده … دجى الليل ولّى وهو بالنجم يعثرُ

دعوني أجدُّ السعي في طلب العلا … فأدرك سؤلي أو أموت فأعذرُ

ولا تختشوا مما يقدر في غدٍ … فما جاءنا من عالم الغيب مُخبرُ

وكم من نذير قد أتانا محذرًا … فكان رسولا في السرور يبشرُ

قفي وانظري يا عبل فعلي وعايني … طعاني إذا ثار العجاج المكدّرُ

تري بطلا يلقى الفوارس ضاحكًا … ويرجع عنهم وهو أشعث أغبرُ

ولا ينثني حتى يخلي جماجما … تمر بها ريح الجنوب فتصفرُ

وأجساد قوم يسكن الطير حولها … إلى أن يرى وحش الفلاة فينفرُ

وقال يتوعد جموع الأعاجم من الفُرس:

وغدًا يمرُ على الأعاجم من يدي … كأس أمرُّ من السموم نقيعها

وأذيقها طعنًا تذل لوقعه … ساداتها ويشيب منه رضيعها

وإذا جيوش الكسرويِّ تبادرت … نحوي وأبدت ما تكن ضلوعها

قاتلتها حتى تمل ويشتكي … كرب الغبار رفيعها ووضيعها

<<  <  ج: ص:  >  >>