للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أن أدوس بلاد العراق … وأفني حواضرها والبوادي

إذا قام سوق لبيع النفوس … ونادى وأعلن فيها المنادي

وأقبلت الخيل تحت الغبار … بوقع الرماح وضرب الحداد

هنالك أصدم فرسانها … فترجع مخذولة كالعماد (١)

وأرجع والنوق موقورة … تسير الهوينا وشيبوب حاد (٢)

وتسهر لي أعين الحاسدين … وترقد أعين أهل الوداد

وقال يفخر ببني عبس:

وما زال الشباب ولا اكتهلنا … ولا أبلي الزمان لنا جديدا

وما زالت صوارمنا حدادًا … تقدُّ بها أناملنا الحديدا

ملأنا سائر الأقطار خوفًا … فأضحى العاملون لنا عبيدا

وجاوزنا الثُّريا في علاها … ولم نترك لقاصدنا وفودا

إذا بلغ الفطام لنا صبي … تخر له أعادينا سجودا (٣)

فمن يقصد بداهيةٍ إلينا … يرى منا جبابرة أسودا

ويوم البذل نعطي ما ملكنا … ونملأ الأرض إحسانًا وجودا

وننعل خيلنا في كل حرب … عظامًا داميات أو جلودا

فهل من يبلغ النعمان عنا … مقالًا سوف يبلغه رشيدا

إذا عادت بنو الأعجام تهوي … وقد ولّت ونكّست البنودا (٤)

وقال يفخر بنفسه بعد أن بلغه أسر ولديه غصوب وميسرة مع صديقه عروة بن الورد العبسي في حصن العقاب باليمن وخرج لخلاصهم:


(١) يقصد هنا أنه يجابه فرسان أعدائه حتى يردهم على أعقابهم مشتتين كالبنيان الواهي.
(٢) موقورة: محملة بالأسلاب والغنائم.
(٣) قلت: قد جاء في معلقة عمرو بن كلثوم التغلبي (من تغلب بن وائل) نحو هذا وهو قوله:
إذا بلغ الفطام لنا وليدُ … تخر له الجبابر ساجدينا
(٤) البنودا: الرايات.

<<  <  ج: ص:  >  >>