للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من هنا ولج الأستاذ للنيل من هذا العالم الجليل، اعتمادًا على ما قرأه في كتاب شيخه ابن حزم (١) عن نسب حرب، وأنهم من بني هلال.

لا داعي للحديث عن كتاب ابن حزم في النسب، ولا عما أورده الهمداني. ولكن فات أبو عبد الرحمن - وفقه الله - أن من العلماء من سبق الهمداني بنسبة تلك القبيلة إلى اليمن، وباستقرارهم في القرن الثالث الهجري في الحجاز، فهذا أبو زيد البلخي: أحمد بن سهل (٢٣٥/ ٣٢٢ هـ) صاحب كتاب "صور الأقاليم" يقول في الكلام على وَدَّان: (وَدَّان من الجحفة على مرحلة، بينها وبين الأبْوَاءِ على طريق الحاج، في غربيها ستة أميال، وبها كان في أيام مقامي بالحجاز رئيس الجعفريين - أعني - بني جعفر بن أبي طالب، ولهم بالفُرْع والسائرة ضياعٌ كثيرة، وعشيرة وأتباع، وبينهم وبين الحسينيين حروب ودماء، حتى استولى طائفة من اليمن يعرفون ببني حرب على ضياعهم فصاروا حربًا لهم فضعفوا). انتهى.

وهذا ابن خلدون في تاريخه - ٤/ ٢٣٢ - في كلامه على ولاة المدينة يقول: وترددت ولاة بني العباس عليها، والرئاسة فيها بين بني حسين وبني جعفر، إلى أن أخرجهم بنو حسين، فسكنوا بين مكة والمدينة، ثم أجلاهم بنو حرب من زبيد إلى القرى والحصون، وأجازوهم إلى الصعيد، فهم هنالك إلى اليوم وبقي بنو حسين بالمدينة. إلى آخر ما ذكر من حوادث القرنين الثالث والرابع الهجريين في المدينة عند تنازع ولايتها بين الجعفريين والحسينيين وما حدث بينهم من حروب وفتن، انتصر فيها في آخر الأمر الحسينيون، بعد أن انتشرت قبيلة حرب فيما بين المدينتين الكريمتين، واتصلت بالحسينيين وصاهرتهم، فأعانتهم على نزع ولاية المدينة من الجعفريين.

وعلى فَرْضِ أن الهمداني أول من قال بهذا مع تفصيله لخبر هذه القبيلة بما لا نجده عند غيره أبقول ابن حزم وغيره من النسابين البعيدين عن بلاد العرب نَصِمُ الهمداني. بتلك الوصمة السيئة (الكذب والوضع) مع أن الباحث سيجد في مؤلفات علماء الأندلس ممن هم أشد عناية في علم الأنساب من ابن حزم، مثل الرشاطي،


(١) قلت: ذكر الجاسر هنا أن ابن حزم الأندلسي شيخ أبي عبد الرحمن الباحث السعودي المعاصر رغم بعد المسافة بينهما والتي تقارب الألف عام؛ لأن الأخير على مذهب الأول "ظاهري".

<<  <  ج: ص:  >  >>