للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشعرية رواية تخالف الرواية المشهورة، إلا أن جميع ذلك مما لا يتصل بالأمور الشرعية، بل يقتصر على الأخبار والحوادث التاريخية.

٣ - لقد عرف متقدمو العلماء فضل الهمداني فيما تصدى لجمعه من تاريخ بلاده، بل من تاريخ العرب عامة وجغرافية بلادهم، وأشاد أولئك العلماء بفضله، واستفادوا من علومه، لا في علم الآثار الذي يعد الهمداني فردًا بين علماء العرب فيه، ولا في علم الفلسفة الذي وصفه صاعد الأندلسي في كتابه "طبقات الأمم" بقوله عن العرب: (وأما علم الفلسفة فلم يمنحهم الله شيئا منه، ولا هيأ طباعهم للعناية به، ولا أعلم أحدًا من صميم العرب شهر به إلَّا أبا يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي، وأبا محمد الحسن بن أحمد الهمداني) ويضيف صاعد في وصف الهمداني بأنه: (محيط بمباحث الفلسفة عن أصل العالم وقواعد المنطق والكلام) وأدرك أولئك العلماء فضل الهمداني وتميزه في علم التاريخ الذي يعد علم الأنساب من فروعه، وهو ما اتخذ منه الأستاذ ابن عقيل مدخلا للطعن في الهمداني، فقد قال الحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي (٣٣٢/ ٤٠٩ هـ) شيخ حفاظ الحديث بمصر في عصره، كما ذكر ابن خلكان وغيره قال - هذا العالم الجليل عن الهمداني: (عليه المعول في أنساب الحميريين) - رسم (قرأ) في "تاج العروس" ولهذا نجد علماء الأندلس يعنون بآثار هذا العالم فينقلونها في حياته إلى ذلك القطر، وينتفعون بها ويلخصونها في مؤلفاتهم، ويعولون عليها.

وليس للمقام مقام إشادة بما للهمداني من أثر في الثقافة العربية بصفة عامة، ولكن لإيضاح أن هذا العالم الجليل لا ينبغي أن توجه إليه تلك الصفات السيئة، وهو كغيره من البشر ليس معصومًا، ولكن له حرمة لعلمه وفضله، ولأنه لا يسوغ وصف أي امرئ لم يثبت بدلائل قطعية عنه ارتكاب ما يوجب وصفه من الأفعال المزرية ليحذر منه.

٤ - لقد كان علم النسب عند الهمداني هو الباب الذي ولج منه الأستاذ أبو عبد الرحمن، فالهمداني نسب قبيلة حرب إلى خولان من قحطان، وأفاض الحديث عن هذه القبيلة في الجزء الأول من "الكليل" وذكر انتقالها من اليمن واستقرارها في الحجاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>