للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا كلّه يقطع بصحة ما حققناه حول دخول قسم عظيم من أحامدة بني سُلَيْم في بلي، هذا الدخول الذي تمّ منذ عهد بعيد جدًّا سبق دخول من ظل من الأحامدة في حلف بني سالم، إن صح أنه تمّ في حدود القرن العاشر، ذلك أن الجزيري (٩١١ - نحو ٩٧٧ هـ) قد ذكرهم من فروع بني سالم. ["الدرر الفرائد" ص ١٥٦٤].

فيما نجد أن فريقًا من الأحامدة الذين في بلي قد استوطن بلاد الصعيد من الديار المصرية، ومن أخبارهم هناك، ما ذكره ابن إياس في حوادث جمادى الآخرة سنة ٧٩٨ هـ قال: (وفيه ثارت العرب الأحامدة بنواحي الصعيد، فعيّن لهم السلطان تجريدة" ["بدائع الزهور ج ١ قسم ٢ ص ٤٨٢].

ومن أخبارهم سنة ٨١٨ هـ ما ذكره ابن حجر العسقلاني قال: "وفي هذه السنة كثر عبث العربان بالوجه القبلي والبحري، واشتدّ بأسهم، وثارت الأحامدة من عرب الصعيد، وهم ناقلة من أراضي الحجاز، من آل بلي سكان دَامَةَ فما فوقها إلى جهة ينبع، فتحولوا إلى الصعيد الأعلى، واتخذوه وطنًا، ووثبوا على والي قوص فقتلوه وقتلوا خلقًا معه" ["إنباء الغمر" ٧/ ١٨٩].

وقوص: مدينة إلى الجنوب من قنا على نهر النيل يقابلها شرقًا القُصَيْر على ساحل البحر الأحمر الغربي، ويقابل القُصير على الساحل الشرقي مدينة الوجه ونواحيها من ديار الأحامدة الذين في بلي، وكان هذا الفريق عبر البحر لاستيطان بلاد الصعيد، وقد ظل الأحامدة هؤلاء شوكة في جنب الدولة يفسدون البلاد، ويبطشون بالعباد والدولة ترسل لهم الحملة تلو الأخرى بلا فائدة إلى أن أوقعت بهم ونكبتهم نكبة كبيرة سنة ٨٩٢ هـ.

قال ابن إياس: "وفيه - أي جمادى الأولى - جاءت الأخبار من عند الأمير آقبردي الدوادار بأنه قد انتصر على العرب الأحامدة، وكان توجه إلى الوجه القبلي بسبب ذلك فقتل منهم ما لا يحصى، وأسر نساءهم وأولادهم، وبعث بهم إلى مصر فباعوهم كما يباع الرقيق من الزنج، ووقع لآقبردي مع الأحامدة أمور غريبة يطول الشرح في ذكرها، وعذّب جماعة بالنار، وطمَّ جماعة منهم بالتراب، وهم

<<  <  ج: ص:  >  >>