للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وهنا في قول الحازمي يُعرّض بأصل التراجمة والأحامدة ويتساءل بقوله ما ندري من أي البدود (لأي القبائل) برجع أصلهم؟ ولا شك أنه معروف له ولغيره من الحروب، ولكن التجاهل هنا مقصده أنهم ليسوا من أصل حرب اليمانية الذي هو من أرومتها.

وكذلك اعترافه بإخوة المحاميد (بني محمد) للتراجمة والأحامدة يدل على أنه يعرف الأصول ويتجاهل ذلك عمدًا في قصيدته من شدة الغبن منهم.

ثم في البيت الثاني يقول على نفسه قاصدًا جماعته الحوازم أنه هو أصل حرب بقوله حِنّا ذرا البيت، ثم يكمل مؤكدًا ذلك وإن جمعوا الأحامدة جموعهم فلا يؤثر فيهم لأنهم هم الأصل في حرب وأهل البيت فيهم.

فأجابه الصميدي من الأحامدة قائلًا:

حِنّا من السُلمان ما حنا نزيَّه … نصلِّب على قبرك بنيران الوقود

الترجمي والأحمدي رجال الحميّه … واسط يقل البيت أما انته عمود

وهنا اعتراف صريح بأن أصله معروف من السُّلمان (١) أي من سُليم ويقول البدو في جمعها السُّلمان والصحيح من السُّلَميين واقتضى الشعر النبطي أن يقول ذلك لأن هذا هو الدارج في لهجة أبناء البادية.

وقوله ما حنّا نزيَّه أي لسنا نازلين على الحوازم ولا لهم فضل سابق على الأحامدة من تاريخ الجدود الأوائل.

وبعد هذه التطورات تدخل شيوخ بني سالم وغيرهم من شيوخ حرب وحُلّ النزاع القائم وتم الصلح، والحمد لله لم يحدث سوء وعادت المياه إلى مجاريها والتآلف إلى ما كان عليه وأحسن.


(١) ومثل قول شاعر في الأحامدة:
يا ناشدًا عنا من السُلمان … واليوم نعتزي بالحربيه

<<  <  ج: ص:  >  >>