للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: ويظهر أن العلاقة الطيبة لم تدم طويلًا بين الشيخ سعد بن جزا ودولة محمد علي، حيث يستفاد من الوثائق التاريخية أن الدولة اختلفت مع الشيخ الشاب سعد بن جزا الذي كان له طموحاته وتطلعاته التي لم تعجب السلطة في الحجاز، فقامت بخلعه.

ولكن يبدو أن الدولة لم تبادر إلى تعيين شيخ آخر مكانه في البداية معتقدة أنه يمكن تسيير أمور منطقة الجديَّدة ووادي الصفراء عن طريق مرابطة قوات عسكرية ضخمة فيها، غير أن هذا الإجراء لم ينجح، فقامت الدولة بإعادة تعيين الشيخ زيد بن محمود الفضيلي الأحمدي في مشيخة عربان الجديَّدة وذلك في أول سنة ١٢٥٣ هـ (١). كما سيأتي الكلام عن الشيخ ابن محمود في الفصل التالي.

لكن الشيخ سعد بن جزا لم يستسلم لهذا الإجراء، فقام بثورات عارمة ضد محمد علي وقواته، حسب ما تورده التقارير التركية خلال تلك الفترة. ومن ذلك ما أورده تقرير مرفوع من خورشيد باشا إلى محمد علي في شهر ربيع الأول سنة ١٢٥٣ هـ، جاء فيه: أن الشيخ سعد لا يزال متمردًا على الدولة، وأنه يهدد بقطع طريق وادي الصفراء، وقد انضم إليه بعض كبار الأحامدة ومنهم أخوه بخيت بن جزا وابن عمهما عامر بن وصل ومن معهما من الأحامدة.

كما يفيد التقرير أيضًا أن الشيخ سعدًا لجأ إلى بعض قبائل مسروح فتضامنوا معه وثاروا على محمد علي، وهم بنو عمرو وزبيد واللهبة من عوف، وقاموا بشن بعض الغارات على المناطق الخاضعة لقواد محمد علي وهدَّدوا طريق امداداته بين ينبع والمدينة ومكة والمدينة واشتبكوا مع القوات التركية المصرية في عدة معارك عنيفة (٢).

واستمرارًا لتلك الثورة، فقد استطاع سعد بن جزا أن يوَجِّه لقوات محمد علي ضربة عنيفة في مطلع سنة ١٢٥٤ هـ وذلك بقيامه بتنفيذ تهديده بقتل أكبر


(١) دار الوثائق القومية - القاهرة - محفظة ٢٦١ عابدين، ترجمة مرفق الوثيقة رقم ٣٦٣، تقرير من خورشيد باشا إلى ولي النعم، بتاريخ ٢٩/ ٧/ ١٢٥٣ هـ، ص ٢ من الترجمة، (ص/ مكتبة الملك فهد الوطنية، فيلم ٢).
(٢) دار الوثائق القومية - القاهرة - وثيقة رقم ١٣٤ حمراء، محفظة ٦٢، عابدين بتاريخ ١٨/ ٣/ ١٢٥٣ هـ. (ص/ مكتبة الملك فهد الوطنية، فيلم ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>