للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخله من الأسرى أمن، ولما توفي المنصور وملك ابنه المعز سار إليه الحسن، واستخلف على صقلية ابنه أحمد، وأمره المعز بفتح القلاع التي بقيت للروم بصقلية فغزاها، وفتح طرمين وغيرها سنة إحدى وخمسين، وأعينه رمطة فحاصرها، فجاءها من القسطنطينية أربعون ألفًا مددًا، وبعث أحمد يستمد المعز فبعث إليه المدد بالعساكر والأموال مع أبيه الحسن، وجاء مدد الروم فنزلوا بمرسى مسينة، وزحفوا إلى رمطة، ومقدم الجيوش على حصارها الحسن بن عمار وابن أخي الحسن بن علي، فأحاط الروم بهم، وخرج أهل البلد إليهم، وعظم الأمر على المسلمين فاستماتوا، وحملوا على الروم وعقروا فرس قائدهم منويل فسقط عن فرسه، وقتل جماعة من البطارقة معه، وانهزم الروم وتتبعهم المسلمون بالقتل، وامتلأت أيديهم من الغنائم والأسرى والسّبي، ثم فتحوا رمطة عنوة وغنموا ما فيها وركب فل الروم من صقلية وجزيرة رفق في الأسطول ناجين بأنفسهم، فاتبعهم الأمير أحمد في المراكب فخرقوا مراكبهم، وقتل كثير منهم، وتعرف هذه الوقعة بالمجاز، وكانت سنة أربع وخمسين، وأسر فيها ألف من عظمائهم، ومائة بطريق، وجاءت الغنائم والأسارى إلى مدينة بليرم حاضرة صقلية، وخرج الحسن للقائهم فأصابته الحمى من الفرح فمات!، وحزن الناس عليه وولي ابنه أحمد باتفاق من أهل صقلية بعد أن ولي المعز عليهم بعيش مولى الحسن فلم ينهض بالأمر ووقعت الفتنة بين كُتامة والقبائل الأخرى وعجز عن تسكينها وبلغ الخبر إلى المعز فولي عليها أبا القاسم علي بن الحسن نيابة عن أخيه أحمد، ثم توفي أحمد بطرابلس سنة تسع وخمسين، واستبد بالإمارة أخوه أبو القاسم علي وكان مدلًا محبًا، وسار إليه سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة بعد الهجرة ملك الإفرنج في جموع عظيمة، وحصر قلعة رمطة وملكها وأصاب سرايا المسلمين، وسار الأمير أبو القاسم في العساكر من بليرم يريدهم، فلما قاربهم خام عن اللقاء ورجع قافلا، وكان الإفرنج في الأسطول يعاينونه فبعثوا بذلك للملك بردويل فسار في اتباعه، وأدركهـ فاقتلوا، وقُتل أبو القاسم في الحرب وأهمّ المسلمين أمرهم فاستماتوا وقاتلوا الإفرنج فهزموهم أقبح هزيمة.

ونجا بردويل ملكهم إلى خيامه برأسه، وركب البحر إلى روما وولى المسلمون عليهم بعد الأمير أبي القاسم ابنه جابر فرحل بالمسلمين لوقته راجعًا، ولم يعرج على الغنائم، وكانت ولاية الأمير أبي القاسم اثنتي عشرة سنة ونصفًا وكان عادلًا حسن

<<  <  ج: ص:  >  >>