السيرة، ولما ولي ابن عمه جعفر بن محمد بن علي بن أبي الحسن، وكان من وزراء العزيز بالله وندمائه استقامت الأمور، وحسنت الأحوال، وكان يحب أهل العلم ويجزل الهبات لهم، وتوفي سنة خمس وسبعين، وولي أخوه عبد الله فاتبع سيرة أخيه إلى أن توفي سنة تسع وسبعين، وولي ابنه ثقة الدولة أبو الفتوح يوسف بن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي الحسن، فأنسى بجلائله وفضائله من كان قبله منهم إلى أن أصابه الفالج، وعطل نصفه الأيسر سنة ثمان وثمانين، وولي ابنه تاج الدولة جعفر بن ثقة الدولة يوسف فضبط الأمور، وقام بها أحسن قيام، وخالف عليه أخوه علي سنة خمس وأربعمائة من البربر والعبيد، فزحف إليه جعفر فظفر به وقتل ونفي البربر والعبيد، واستقامت أحواله، ثم انقلبت حاله واختلت على يد كاتبه ووزيره حسن بن محمد الباغاني فثار عليه الناس بسببها، وجاءوا حول القصر، وأخرج إليهم أبو الفتوح في محفة فتلطّف بالناس، وسلم إليهم الباغاني فقتلوه، وقتلوا حافده أبا رافع، وخلع ابنه ابن جعفر، ورحل إلى مصر وولي ابنه ابن جعفر سنة عشرة ولقبه بأسد الدولة ابن تاج الدولة، ويعرف بالأكحل فسكن الاضطراب واستقامت الأحوال، وفوّض الأمور إلى ابنه ابن جعفر، وجعل مقاليد الأمور بيده فأساء ابن جعفر السيرة، وتحامل على صقلية ومال إلى أهل إفريقية، وضجّ الناس وشكوا أمرهم إلى المعز صاحب القيروان وأظهروا دعوته، فبعث الأسطول فيه ثلاثمائة فارس مع ولديه عبد الله وأيوب واجتمع أهل صقلية وحصروا أميرهم الأكحل، وقتل وحُمل رأسه إلى المعز سنة سبع عشرة وأربعمائة، ثم ندم أهل صقلية على ما فعلوا وثاروا بأهل إفريقية، وقتلوا منهم نحوا من ثلاثمائة وأخرجوهم، وولوا الصمصام أخا الأكحل، فاضطربت الأمور وغلب السفلة على الأشراف، ثم سار أهل بليرم على الصمصام وأخرجوه وقدموا عليهم ابن الثمنة من رءوس الأخبار، وتلقب القادر بالله واستبد عازر ابنه عبد الله قبل الصمصام، وغلب ابن الثمنة على ابن الأكحل فقتله واستقل بملك الجزيرة، على أن أخذت من يده، ولما استبد ابن الثمنة بصقلية تزوج ميمونة بنت الجراس فتخيل له منها شيء فسقاها السم، ثم تلافاها وأحضر الأطباء فأنعشوها، وأفاقت فندم واعتذر فأظهرت له القبول، واستأذنته في زيارة أخيها بقصريانة، وأخبرت أخاها فحلف أن لا يردها، ووقعت الفتنة وحشد ابن الثمنة