للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت حاضرة كلب دومة الجندل وهي مدينة حصينة من أهم المدن العربية قبل الإسلام، وهي مركز ديني وتجاري هام للعرب، وقد كان لهم فيها سوق من أشهر أسواق الجزيرة العربية قاطبة وهي سوق موسمية في الجاهلية، منه كانوا ينتقلون إلى سوق هِجْر (بلاد الأحساء حاليًا).

قال صاحب السبائك (١): قد كان للعرب في الجاهلية أسواق يقيمونها في شهور السنة، ينتقلون من بعضها إلى بعض ويحضرها سائر العرب من قرب منهم ومن بَعُد، فكانوا ينزلون دومة الجندل أول يوم من ربيع الأول، يجتمعون في أسواقها بالبيع والشراء والأخذ والعطاء، وكان يعشوهم أكيدر دومة الجندل أول يوم، وربما غلب على السوق بنو كلب، فيعشوهم بعض رؤساء كلب، فيقوم سوقهم إلى آخر الشهر، ثم ينتقلون إلى سوق هِجْر في شهر ربيع الآخر.

وقد ذكر ابن الكلبي في افتراق القبائل قبل الإسلام أن قبيلة كلب ومن حالفها، نزلت بخبت دومة، إلى ناحية بلاد طيئ من الجبلين وحيزهما إلى تيماء: وصنمهم ود - الذي ذكره الله سبحانه في القرآن الكريم - كان في مدينتهم هذه جاء في صفته (٢): فكان لكلب ود وهو تمثال على هيئة رجل كأعظم ما يكون من الرجال، عليه حُلتان متزرًا بحُلة ومرتديًا أخرى، وعليه سيف قد تقلده، وقد تنكب قوسًا. وكانت سدانته لبني الفرافصة من كلب (٣). وقبيلة كلب كان لها المُلك في دومة الجندل عند فتحها وكانوا قبل الإسلام يتناوبون المُلك هم وأكيدر بن عبد الملك من السكون من كِنْدة.

قال ياقوت الحموي (٤): وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيشًا إلى دومة، وأمَّر عليهم عبد الرحمن بن عوف، وعممه بيده، وقال: اغد باسم الله، فجاهد في سبيل الله، تقاتل من كفر بالله، وأكثر من ذكري، عسى الله أن يفتح على يديك، فإن فتح فتزوج بنت ملكهم، وكان الأصبغ بن عمرو بن ثعلبة بن الحارث بن حصن بن ضمضم ملكهم ففتحها، وتزوج ابنته تماضر بنت الأصبغ، فهي أول


(١) سبائك الذهب ص ١١٩.
(٢) سبائك الذهب ص ٤٣٥.
(٣) نسب معد واليمن الكبير لابن الكلبي.
(٤) معجم البلدان لياقوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>