للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفينا نخوة الأعداء عنا … بأرماح أسنتها ضماء

ولولا صبرنا يوم التقينا … لقينا مثل ما لقيت صداء

غداة تضرعوا لبني بغيض … وصدق الطعن للنوكي شفاء

قال الأصبهاني عن هذا البناء (١): لبس أو بناء بنته غطفان شبهوه بالكعبة وكانوا يحجونه ويعظمونه ويسمونه حرمًا فغزاهم زهير بن جناب الكلبي فهدمه.

وعن زهير بن جناب الكلبي فهو أحد الرجال البارزين في جزيرة العرب في الجاهلية وكان شجاعًا حازمًا ذا رأي سديد كريمًا، وقد اجتمعت عليه كافة قُضاعة، فكان من شجاعته وإقدامه أنه أسر كليب ومُهلهل ابنا ربيعة وهما أفرس فرسان العرب وذلك في الحرب التي كانت بين كلب وبني وائل من بكر وتغلب. قال الأصبهاني (٢): وأما زهير بن جناب الكلبي فإنه أحد المعمرين، يقال أنه عمّر مائة وخمسين، وهو فيما ذكر أحد الذين شربوا الحمر في الجاهلية حتى قتلهم، وكان قد بلغ من السن الغاية التي ذكرناها، فقال ذات يوم: إن الحي ظاعن، فقال عبد الله بن عليم: إن الحي مقيم، فقال: من هذا الذي يخالفني منذ اليوم؟، قيل: ابن أخيك عبد الله بن عليم، فقال: أما ها هنا أحد ينهاه عن ذلك؟، قالوا: لا، فغضب .. وقال: لا أراني قد خولفت، ثم دعا بالخمر يشربها صِرْفًا بغير مزاج وعلى غير طعام حتى قتلته، وهو الذي يقول في ذم الكبر وطول الحياة:

الموت خير للفتى … فليهلكن وبه بغيه

مِنْ أن يرى الشيخ البجال … إذا تهادى بالعشيه

ابني إن أهلك فقد … أورثتكم مجدا بنيه

وتركتم أبدًا سا … دات زنادكم وديه

بل كل ما نال الفتى … قد نلته إلا التحيه!


(١) الأغاني ج ١٢ ص ١٢٦.
(٢) الأغاني ج ٣ ص ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>