للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عبد الله بن بكر بن عوف بن عُذرة الكلبي أحد من اجتمعت عليه قُضاعة، وكان يُدعى الكاهن لصحة رأيه، وعاش مائتين وخمسين سنة، وكان شجاعًا مُظفّرًا ميمون النقيبة.

وكان سبب غزوته لغطفان في الجاهلية: أن بني بغيض من عبس وذبيان من غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان، حين خرجوا من تهامة ساروا بأجمعهم، فتعرضت لهم صدّاء وهي قبيلة من مَذْحِج القحطانية فقاتلوهم وبنو بغيض سائرين بأهليهم وأموالهم، فقاتل بنو بغيض عن حريمهم وأموالهم، فظهروا على صدّاء وفتكوا بهم، فعزّت بذلك بنو بغيض وأثرت وكثرت أموالها، فلما رأوا ذلك قالوا: والله لنتخذن حرمًا مثل مكة لا يقتل صيده ولا يهاج عائذه، فبنوا حرمًا، ووليه بنو مرة بن عوف من ذبيان، فلما بلغ فعلهم وما أجمعوا عليه زهير بن جناب الكلبي قال: والله لا يكون ذلك أبدًا وأنا حي، ولا أخلي غطفان تتخذ حرمًا أبدًا، فنادى في قومه فاجتمعوا إليه، فقام فيهم: فذكر حال غطفان وما بلغه عنهم، وقال:

إن أعظم مأثرة يدخرها هو وقومه أن يمنعوهم من ذلك، فأجابوه، فغزا بهم بني بغيض وسائر غطفان وقتلهم أبرح قتال وأشده، وظفر بهم وأصاب حاجته منهم، وأخذ فارسًا منهم في حرمهم فقتله، وعطّل ذلك الحرم، ثم منَّ على غطفان ورد لهم النساء وأخذ الأموال. وقال زهير في ذلك:

فلم تصبر لنا غطفان لما … تلاقينا وأحرزت النساء

فلو الفضل منا ما رجعتم … إلى عذراء شيمتها الحياء

فدونكم ديونًا فاطلبوها … وأوتارًا ودونكم اللقاء

فإنّا حيث لا يخفى عليكم … ليوث حين يحتضر اللواء

فقد أضحى لحي بني جناب … فضاء الأرض والماء الرواء

<<  <  ج: ص:  >  >>