لو كنت من هاشم أو من أسد … أو عبد شمس أو أصحاب اللوى الصيد
أو من بني نوفل أو آل مطلب … أو من بني جمع الخضر الجلاعيد
أو من بني زهرة الأبطال قد عرفوا … لك ذرك لم تهمم بتهديد
والصيد من كلب قد يكون عني بهم كلبا لقوله أصحاب اللوى.
وقد تسابق مشاهير العرب في الجاهلية والإسلام إلى الزواج من بني كلب وشدِّ أزرهم بمصاهرتهم، وقد وجدوا بهن كل ما يتمناه العربي بزوجته من شرف ووفاء نادر، قلّ أن يوجد بغير الكلبيات، ومن هؤلاء الخليفة الراشد عثمان بن عفان - رضي الله عنه - الذي تزوج نائلة (١) بنت الفرافصة بن الأحوص الكلبية أميرة شاعرة من ذوات الرأي والشجاعة حُملت إلى عثمان من بادية السماوة فتزوجها، وأقامت معه في المدينة المنورة، ولما كانت بدء الثورة عليه نصحته باستصلاح علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وكان قد جاء وحذره، فأرسل إليه يدعوه، فقال علي: قد أعلمته أني لست بعائد، ودخل المصريون دار عثمان وبأيديهم السيوف فضربه أحدهم، فألقت نائلة نفسها على عثمان وصاحت بخادمها رباح فقتل الرجل، وهجم آخر فوضع ذباب السيف في بطن عثمان فمسكت نائلة السيف فحزّ أصابعها وقطع بعضها، وقُتل عثمان، فخرجت تستغيث، ففر القتله وأنشدت بعد دفنه بيتين في رثائه، قيل تمثلت بهما وانصرفت إلى المسجد فخطبت في الناس (خطبة رائعة في غاية الفصاحة) وقالت: إن عثمان ذا النورين قُتل مظلومًا بينكم .. إلخ، ثم كتبت إلى معاوية بن أبي سفيان وهو في الشام تصف دخول القوم على عثمان، وأرسلت إليه قميصه مضرجًا بالدم وبعض أصابعها المقطوعة، ولما سكنت الفتنة خطبها معاوية لنفسه، فأبت وحطمت أسنانها!، وقالت: إني رأيت الحزن يبلى كما يبلى الثوب، واخاف أن يبلى حزني على عثمان فيطَّلع مني رجل على ما اطَّلع عليه عثمان.