وكانت من أحسن النساء ثغرا، فأخذت فهرًا فدقت به أسنانها فسال الدم على صدرها، فبكى جواريها وقلن لها: ما صنعتِ بنفسك؟ قالت: إني رأيت الحزن يبلى كما يبلى الثوب، وإنى خفت أن يبلى حزني على عثمان فيطّلع مني رجل على ما اطلع عليه عثمان وذلك ما لا يكون أبدًا.
وفي رواية أخرى أنها قالت: والله لا قعد مني رجل مقعد عثمان أبدًا.
قلت: وهذا قمة الوفاء عن نساء بني كلب تضرب به نائلة أروع الأمثال في تاريخ العرب.
(نقلًا عن تاريخ الطبري، الأغاني، مروج الذهب، بلاغات النساء، العقد الفريد لابن عبد ربه، عيون الأخبار لابن قتيبة)
٢ - نائلة بنت عمارة الكلبية: من ربات الجمال والإحسان، تزوجها معاوية بن أبي سفيان، فجاءها الدلّال المغني يومًا إلى منزلها فقرع الباب فلم يُفتح له فغنى في شعر مجنون بني عامر، ونقر بدفه عليه، فلما سمعته بالغت في إكرامه، وقد اشتهرت به مع العامة.
وطلقها معاوية بعد ما قالت له فاختة بنت قرظة ما قالته، فقد قال لها معاوية ذات يوم اذهبي فانظري يا فاختة إلى نائلة، فذهبت فنظرت إليها، فقالت له: ما رأيت مثلها، ولكني رأيت تحت سرتها خالًا ليوضعن منه رأس زوجها في حجرها، فطلقها معاوية لهذه المقولة، وصدقت فاختة فيما قالت فقد تزوجها رجلان كلاهما قُتلا ووضعت رأسيهما في حجرها، وكان أحدهما هو حبيب بن مسلمة والآخر النعمان بن بشر.