للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آثار واضحة لجدول مياه قديمة، وهذا يعطي اعتقادًا بأن صور التي وردت بشعر المتنبي - كما أسلفنا بالموارد في هذا الفصل واقترن اسمها بـ صبيحًا هو صور كثيف من النخيل.

ب - التهجير: وهنا يأتي التحول الكبير لحياة هذه القبيلة من حياة الترحال إلى حياة التهجير والاستيطان، ففي الثلث الأخير من القرن الرابع عشر للهجرة المنصرم كانت قبيلة الشرارات بادية يخيفها التحضر ويقول النواق: وقد لحقت على عبارة كنت أسمعها كثيرًا وهي نمط من أنماط الشماتة عندما يتهاون البدوي بممتلكاته الحيوانية من إبل وغنم أو تضيع منه أو ما إلى ذلك فإنه يقال له "اقعد لك بقرية" ولا يعني ذلك تحقيرًا إلى الحاضرة … وإنما يعنون من ذلك البدوي له صفته ومهنته فإذا ما افتقدها فإنه يصبح كما يقولون في مثلهم العامي الآخر: لهو لا حضر ولا بدو، وفي تلك الفترة وفي السبعينيات من القرن الرابع عشر الهجري تعرضت قبيلة الشرارات كما أسلفنا إلى فقدان معظم ممتلكاتها الحيوانية نتيجة لسنوات من الجفاف مريرة، اجتاحت شمال وغرب هذه الجزيرة، الأمر الذي جعل التهجير والاستيطان أمرًا ملحًّا ولا مفر منه، وقد كان لكل من أمير منطقة القريات آنذاك الأمير عبد العزيز الأحمد السديري - رحمه الله، ولأمير منطقة الجوف الأمير عبد الرحمن السديري، كانت لهما محاولات عدة بتطوير منطقة هذه القبيلة بتوجيه من الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - وأبنائه من بعده مما ترك الأثر الحسن في نفوس أبناء هذه القبيلة، إذ لم يغب عن أذهانها تلك المواقف المخلصة منذ وقوف هذين الأميرين على سدة الإمارتين وهذا راجع إلى السياسة السعودية الحكيمة.

وكان من نتاج هذا التهجير مولد مدينة طَبْرجَل قلب هذا الوادي وحاضرته (١) وشريانه النابض فأصبحت كبرى مدن التهجير. ففي سنة ١٣٧٦ هـ ارتحل إليها شيخ شمل هذه القبيلة المرحوم الشيخ عاشق بن كاسب اللحاوي كما هو واضح بالوثائق المرفقة وكانت في ذلك الحين صحراء كأي صحراء خالية لا يجوبها إلا الرعاة وأقرب الموارد إليها أويسط إذ يبعد عنها ٦ كم إلى الشمال الغربي ومورد الميسري إلى جهة الشرق على بعد ١٠ كم، وتقع على مبلج أودية أبو حوايا


(١) انظر كتاب الجوف "وادي النفاخ" للأمير عبد الرحمن الأحمد السديري ص ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>