للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وندرك أن جُهَيْنة قد دخلت السودان في موجات متعددة وانتشرت إلى الشرق حيث بلاد البجة وساحل البحر الأحمر، وكان لها أثر قوي على مملكة النوبة الشمالية مملكة المقرة حتى زعزعوها وأزالوها، ودخلت جُهَيْنة إلى أطراف بلاد الزنج كما يقول ابن إياس، وبلاد الزنج هي بلاد الصّومال في اصطلاح العرب القديم، ومن الثابت أنَّها انتشرت في الصومال.

وفي البيان والإعراب للمقريزي قال عن قبيلة عرك من جُهَيْنة تحت عنوان "الحلف العَرَكي" (١).

ولم تقف جُهَيْنة مكتوفة الأيدي إزاء المماليك، فقد أسهمت في المقاومة بنصيب بعد أن خمدت حركة الشريف حصن الدين ثعلب الجعفري بعد عام ٦٥١ هـ.

ففي عام ٧٤٩ هـ نشب نزاع بين عرك وبني هلال (٢) وتدخل المماليك في هذا النزاع، ومالأوا بني هلال، وقتل عدد كبير من المماليك وأمرائهم في هذا الحادث، وكان هذا إيذانا بحرب عنيفة بين المماليك والعركيين وحلفائهم.

وعرك بطن من جُهَيْنة كانوا في بلاد العرب في الشمال الغربي منها ومن جبالهم الحت، ثم انتقلوا مع جُهَيْنة إلى الصعيد الأعلى، واستمرت حركة المقاومة حوالي خمس سنوات أو أكثر (٧٤٩ - ٧٥٤ هـ) بزعامة محمد بن واصل العركي الذي كان يلقب بالأحدب لطوله وانحناء قامته، وبلغ من قوته أن نادي بالسلطة لنفسه، وجلس في "جتر" (٣) وجعل خلفه المسند، وأجلس العرب حوله، ومد


(١) انظر ص ١٢٨ تحقيق الدكتور عبد المجيد عابدين.
(٢) أي بقايا بني هلال في الصعيد لأنَّ معظمهم رحل إلى بلاد المغرب عام ٤٤٢ هـ.
(٣) الجتر: مفرد جتور من شعار السلطنة وهو مظلة في هيئة قبة من حرير أصفر مزركش بالذهب على أعلاها طائر من فضة مطلية بالذهب تحمل على رأس السلطان في العيدين وهي من بقايا الدولة الفاطمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>