للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السماط بين يديه، وأنفذ أمره في الفلاحين، فلما عظم أمره عقد أمراء المماليك المشورة في عام ٧٥٤ هـ في أمر عرب الصعيد، وقرروا تجريد العسكر لهم، فحشد محمد بن واصل شيخ عرك جموعه، وصمم على لقاء الأمراء وحلف أصحابه على ذلك، وقد اجتمع معه عرب منفلوط وغرب المراغة، وبني كلب وجهينة وعرك، حتى تجاوزت فرسانه عشرة آلاف فارس تحمل السلاح سوى الرجالة المعدة، فإنها لا تعد ولا تحصى لكثرتها، وجمع الأحدب مواشي أصحابه كلهم وأموالهم وغلالهم وحريمهم وأولادهم، وأقام ينظر قدوم العسكر وشن المماليك الحملة عليهم، وبعث أحد أمراء المماليك ليؤمن بني هلال أعداء عرك، ويحضرهم ليقاتلوا عرك أعداءهم، فانخدعوا بذلك وفرحوا به، وركبوا بأسلحتهم، وقدموا في أربعمائة فارس، فما هو إلَّا أن وصلوا إلى الأمير شيخو (قائد المماليك) حتى أمر بأسلحتهم وخيولهم فأخذت بأسرها ووضع فيهم السيف فأفناهم جميعًا (١).

وقامت معارك حامية بين الحلف العركي والمماليك، وقتل من الجانبين خلق كثير وطورد العرب إلى بلاد السودان ولم يبق بدوي في صعيد مصر. ووصف ابن إياس نهاية المعركة فقال:

(ثم إن الأمراء مشوا وراء العربان الذين هربوا مسيرة سبعة أيام حتى دخلوا أطراف بلاد الزنج، ثم رجع الأمراء والسلطان إلى الديار المصرية) (٢).


(١) قلت: والغدر من شيمة المماليك، فهم رقيق أصلًا كانوا يباعون ويُشترون في البلاد، وأجناسهم تركمانية وجركسية ولا خير فيهم كما أشار ذلك النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث له: "الأتراك لا خير فيهم" وقد ذكر التاريخ أنهم أشد النّاس ضررًا على العرب.
(٢) وقد ظلت بقية هذا الحلف في الصعيد الأعلى وعرفوا باسم عرب ابن الأحدب ولهم بعض أحداث وقعت بالتحالف مع هوارة في سنة ٧٩١ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>