للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن لعل هجرات الهذليين لم تكن ذات بال يأبه له هؤلاء المؤرخون؛ فلم يكتبوا عنها كما كتبوا عن غيرها.

وأيّا ما كان الأمر، فإن هؤلاء الهذليين - فاتحين أو مهاجرين - لم يكن عددهم في مصر وفي غيرها بالعدد القليل؛ حتى أن بعض المؤرخين قد قرر في مبالغة وإسراف - كما أشرنا - أنهم قد تفرقوا في الإسلام على الممالك، ولم يبق لهم في الجزيرة العربية حي يطرق (١).

فإذا كان عدد هؤلاء المهاجرين من الهذليين إلى الأقاليم الإسلامية بعامة هو على درجة من الكثرة تدعو إلى مثل هذا القول، فإنهم في مصر بخاصة كان عددهم - في أغلب الظن - أكثر منهم في غيرها. وقد رأينا في شعر البريق الهذلي ما يشير إلى ذلك (٢). كما نجد في التقديم لشعر بدر بن عامر، وأبي العيال بديوان الهذليين ما يستدل به على خروج جماعة منهم إلى مصر في عهد عمر بن الخطاب (٣).

وهذا أبو صخر الهذلي يذكر - في لوعة - آل مُحرِّق من قومه وقد خلت منهم منازلهم في تهامة، واستبدلوا بها بابليون وغيره في مصر (٤) حيث يقول:

وماذا ترجّى بعد آل محرّق … عفا منهمُ وادي رُهاط إلى رحُب

خلوا من تهامي أرضنا وتبدلوا … بمكة بابليون والرُّبْط بالعَصْب (٥)


(١) تاريخ ابن خلدون ٢/ ٣١٩. معجم القبائل العربية القديمة والحديثة ٣/ ١٢١٣. وانظر هذا الفصل ص ٧٠.
(٢) انظر الصفحة السابقة.
(٣) ديوان الهذليين: القسم الثاني ص ٢٥٦.
(٤) معجم البلدان (بابليون) ١/ ٣١١ (ط بيروت).
(٥) نفس المرجع والصفحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>