للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما أحسب إلا أن مثل هذا الجوى هو الذي يحمله على أن ينفث نفثة المصدور حين يقول:

لو أن ما حُمّلت حُمّله … سعفات رضوَى أو ذري بُرْم

لكلَلْن حتى يختشعن له … والخلق من عُرب ومن عجم (١)

ولم يكن الأمر في ذلك مقصورًا على أبي صخر، فكثيرًا ما نجد شعر الهذليين يرثي من ماتوا لهم في مصر، أو يعبر عن شوقهم إلى من نزحوا إليها من أهليهم وذويهم (٢)، وتلك ظاهرة قلما نجدها في غير مصر من الأقاليم العربية والإسلامية.

وهناك ظاهرة أخرى نحسها في هُذَيْل مصر، تلك أنهم كانوا يشاركون بعض المشاركة في الأحداث الكبرى في المجتمع الإسلامي، وقد كان لهم دور ظهروا فيه على مسرح السياسة مع غيرهم معارضين لسياسة عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، وشاركوا في الفتنة التي كان من أهم نتائجها مقتل عثمان وما تلاه من أحداث، فكانوا من القبائل الضالعة في قتله من عرب مصر التي ذهبت ثائرة إلى المدينة (٣).

هذا شأن الهذليين في مصر في الصدر الأول للإسلام من حيث مشاركتهم في بعض ما كان يحيط بهم من أحداث، ومن حيث مساكنهم ومحالهم التي كانوا ينزلونها بالفسطاط، والمرابع التي كانوا يرتبعون فيها هم وغيرهم من القبائل العربية في بعض أيام السنة.


(١) المرجع نفسه (بُرْم) ١/ ٤٠٣ (ط بيروت).
(٢) البقية ص ٤٢. معجم البلدان ١/ ٣٣٧ (ط بيروت).
(٣) معجم ما استعجم ١/ ٢٨٢، ٢/ ٤٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>