يغنيه وما في شارفنا ما يغذيه. قال ابن هشام: ويقال يغذيه - ولكنا كنا نرجو الغيث والفرج فخرجت على أتاني تلك فلقد أدمت بالركب (١) حتى شق ذلك عليهم ضعفًا وعجفًا، حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء، فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتأباه إذ قيل لها: أنه يتيم وذلك أنّا كنا نرجو المعروف من أبي الصبي فكنا نقول يتيم ما عسى أن تصنع أمه وجده فكنا نكرهه لذلك فما بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعًا غيري، فلما أجمعنا الانطلاق قلت لصاحبي: والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعًا والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه، قال: لا عليك أن تفعلي، عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة. قالت: فذهبت إليه فأخذته وما حملني على أخذه إلا أني لم أجد غيره. قالت: فلما أخذته رجعت به إلى رحلي، فلما وضعته في حجري أقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن فشرب حتى روي وشرب معه أخوه حتى روي ثم ناما وما كنا ننام معه قبل ذلك، وقام زوجي إلى شارفنا تلك فإذا أنها لحافل فحلب منها ما شرب وشربت معه حتى انتهينا ريًّا وشبعًا فبتنا بخير ليلة، قالت: يقول صاحبي حين أصبحنا: تعلمي والله يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة. قالت: فقلت والله إني لأرجو ذلك. قالت: ثم خرجنا وركبت أنا أتاني وحملته عليها معي. فوالله لقطعت بالركب ما يقدر عليها شيء من حمرهم، حتى أن صواحبي ليقلن لي: يا بنت أبي ذؤيب ويحك أربعي علينا، أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها. فأقول لهن: بلى والله إنها لهي هي. فيقلن: والله إن لها لشأنًا، قالت: ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد وما أعلم أرضًا من أرض الله أجدب منها فكانت غنمي تروح علّي حين قدمنا به معنا شباعًا لُبَّنًا فنحلب ونشرب وما
(١) معناه: أطلت مسافة السير على الركب لتمهلهم عليّ وتأنيهم.