للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخل بها على أبيها، فقالت لأبيها: لماذا يا أبتي لم تسمح للعتيبي بمرعى نجد بعد أن اضطرتهم السنة؟، فقال لها: وما في ذلك؟ فأجابته: إني رأيت ابن حميد حينما دخل إليك كانت جوخته (١) تسحب خلف قدميه وحينما خرج من عندك انشمرت إلى فوق قدميه ومن هذه حالته لا شك أنه سيرعى نجدًا طوعًا أو كرهًا، فأجابها والدها ساخرًا منها بقوله: هل أعجبك العُتَيْبي يا بُنيّة؟ فقالت له: إن أعجبني فهو أمير ولكنك سوف ترى. أما ابن حميد فإنه عاد إلى عشائره وقومه من عتيبة وأخبرهم بما لقي من أمير قحطان وأن ليس إلى مرعى نجد سوى الحرب، فأجابوه إلى ذلك وانضموا تحت لوائه، فانساح بهم من الحجاز إلى نجد وحصلت بينهم وبين قحطان حروب ووقائع كثيرة كانت نتيجتها انتصار عتيبة واحتلالها لسنام نجد وأطايبه واندحار قحطان إلى ديارهم التي هم بها الآن والمعروفة بحصاة قحطان أو ما يسمى قديمًا بـ "عَمَايَة".

ومن الحمدة هؤلاء محمد بن هندي بن حميد قال الزركلي (٢): "من أشهر فرسان العرب في العصر الأخير محمد بن هندي بن حميد المقاطي من قبيلة المقطة، وهي قبيلة واسعة الديار تمتد منازلها من شمال تهامة إلى قرب نجد وهو من سكان الغطغط بين نجد والحجاز.

كان فارس عتيبة في تلك الأنحاء وكبيرها مات سنة ١٣٣٣ هـ، هوى به بعيره فقتله.

لم ينفرد بالشجاعة بل عُرف أيضًا بإصابة الرأي ورجاحة الحلم وهيبة المنظر. أخبرني رجل أدركه وعرفه، قال: زار ابن حميد والدي يومًا فجعلت أطيل النظر


(١) الجوخة لباس كان يلبسه أمراء العشائر وكل ذي جاه.
(٢) ما رأيت وما سمعت، ص ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>