إلى جراح رأيتها في عنقه وصدره فاستدناني منه فدنوت منه فكشف قميصه وقال انظر، فنظرت فإذا جراح هائلة عددتها ستة وثلاثين كلها قد اندملت. وكان مع الشريف (الملك) حسين في رحلته إلى نجد على أثر توليه إمارة مكة. فأنعم عليه ببندقيتين، فحملها إلى بعض أصحابه ينظر إليهما ويعجب منهما، إذ لم يكن سلاحه غير السيف والرمح. فأخذ أصحابه يعلمونه كيف يطلق البندق (الرصاص) وتناولها بين يديه يطيل التأمل فيهما ساعة ثم ألقاها وقال: لا حاجة لي بهذا. وله في ذم البندقيات - ويسمونها الموارت والمواريت جمع مرتينة.
ضرب المَوَارت ما بها نوماس … حَذْفة شَرُود من بَعِيدْ
عَلىَّ قضب أعنانها والرّاس … والله يدبَّر ما يريد
عليّ باللّي تبعد المرواس … والعمر لازم انّه يبيد
قضب العنان في لغتهم إمساكه جيدًا. والمرواس ميدان الخيل وشوط جريها. يقول: ما في ضرب البندقيات من فخر فإنه إطلاق شرود من مكان بعيد، وإنما عليّ أن أضبط عنان فرسي ورأسها ويدبر الله ما يريد، عليّ بالفرس التي توسع الميدان وأما العمر فلا بد أنه يبيد".