للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مفخرة لثقيف وقريش وسواهم. وكان العرب يغبطونهم عليه كما غبطوهم على مدينتهم الجميلة (١).

وهكذا أخذ اسم الطائف يعلو على (وج)، ويكبر ويخلد وتكبر معه ثقيف وتقوى شوكتها، وتتصدر الأحداث التاريخية مع الزمن، وتمسك زمام المراكز السياسية والدينية والإقتصادية والأدبية، في العصر الجاهلي.

وهذا مرادس بن عمرو الثقفي يفتخر بسكنى قومه الطائف (٢) ويقول:

فإن الله لم يؤثر علينا … غداة يجزئ على الأرض اقتساما

عرفنا سهمنا في الكف يهوي … كذا نوح وقسمنا السهاما

فلما أن أبان لنا اصطفينا … سنام الأرض أن لها سناما

فأنشأنا خضارم متجرات … يكون نتاجها عنبًا تؤاما (٣)

وكان لثقيف دَور تجاري هام لتوسط مدينتهم، وكونها قبلة القاصدين مكة، والآيبين منها، وخصوصًا أيام المواسم، ولقاءات سوق عكاظ الشهيرة، التي تجمع العرب بالعجم أحيانًا، ولثقيف خبرة ودراية بالزراعة جد عظيمة، فقد عرفوا زراعة القمح الجيد، وصنع الخبز، وورد أن غيلان بن سلمة وفد على كسرى فقال له: أي ولدك أحب إليك؟ قال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم، فقال كسرى: مالك ولهذا الكلام وهو كلام الحكماء وأنت في قوم


(١) أورد القيراني في كتابه "الممتع في صنعة الشعر "٢٨٢" شعرًا لبعض ثقيف يقول:
لله در ثقيف أي منزلة … حلوا بها بين الأرض والجبل
قوم تخير طيب العيش رائدهم … فأصبحوا يلحفون الأرض بالحلل
ليسوا كمن كانت الترحال همته … أخبث بعيش علٍّ ومرتحل
(٢) معجم البلدان - الطائف.
(٣) تؤاما: من التوأم، أي كان ثمره مضاعفًا - انظر المنجد - تأم.

<<  <  ج: ص:  >  >>