للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حفاة لا صحة فيهم، فما غذاؤك؟ قال: خبز البُر، قال: هذا العقل من البُر لا من اللبن والتمر! (١).

وقد عرفوا زراعة العنب حتى اشتهرت الطائف منذ الجاهلية، وعرفوا صناعة الجلود وبرعوا فيها (٢).

وثقيف في الجاهلية مجتمع حضري بالقياس إلى غيرهم، فقد امتهنوا الزراعة واستغلوا الماء جيدًا، وجعلوا الطائف جنة خضراء، وبرعوا في المعمار والبناء، وحذقوا في الفنون العسكرية، يدل على ذلك دفاعهم عن مدينتهم يوم حاصرها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وتحصنهم بسورهم، ورميهم المسلمين بالسهام والنار من فوق السور، في وقت لم تكن لمكة ولا للمدينة سور ولا خنادق (٣).

وحين جاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - لحصار الطائف، كان عروة بن مسعود الثقفي غائبًا بجرش، يتعلم عمل الدبابات والمنجنيق، فقدم الطائف، ولقي الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو ينصرف عنها، فأسلم ولحق بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، وبعثه - صلى الله عليه وسلم - يدعو قومه فقتلوه (٤).

ومما يؤكد تحضر ثقيف وتطورهم تفوقهم وميلهم إلى الحرف، مثل الدباغة والنجارة والحدادة والزراعة، وقد درت عليهم أموالًا طائلة، حتى أن فقراء الطائف كانوا أحسن حالًا بالقياس إلى سواهم في مناطق الحجاز، يقول جواد علي (٥): (وقد عاش أهل الطائف في مستوى أرفع من مستوى عامة أهل الحجاز).

وإلى جانب هذا الثراء العظيم، وفر لهم السور الذي بنوه الحماية والاستقرار، وردع عنهم الطامعين، ومع ذلك كانوا يعدون العدة لكل احتمال،


(١) مختار الأغاني - غيلان.
(٢) صفة جزيرة العرب ٢٦٠.
(٣) تاريخ العرب قبل الإسلام ٤/ ١٥١.
(٤) الارتسامات اللطاف ٢١١.
(٥) تاريخ العرب قبل الإسلام ٤/ ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>