للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليتممها، ولقد وصف التميمي النجدي (١) هذه القبيلة وهو يتحدث عن عرب الحجاز فقال: (ومنهم ثقيف ذي العرض العفيف إلا أن فارسهم في الهيجاء مخيف وهؤلاء بقايا قوم الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي أخباره مشهورة وحكاياته مسطورة وهم أشد أهل الحجاز امتناعًا عن الاستسلام، وأصبرهم في الملاحم على وقوع السهام في الأجسام وأكرامهم النازل).

وهذا الامتناع هو ما يفسر تأخر إسلامهم، وإدراك الرسول - صلى الله عليه وسلم - يوم حاصرهم أنهم سيأتون مهتدين طائعين، بلا قتال، وهذا ما حدث كما سنرى فيما بعد.

أما هذه الصلابة التي ظهر بها الثقفيون مرتين من الإسلام، الأولى في زيارته لهم - صلى الله عليه وسلم - وعرضه عليهم، وقد اختصهم بعد قومه من سائر الأمم، والثانية يوم جاءهم يحاصرهم ويترك بلدهم دون قتال، فقد أثمرت فيما بعد صلابةً في الحق بعد أن كانت صلابةً في الباطل، وهي صلابتهم التي ظهرت بعد وفاته، يوم ثبتوا على الإسلام لا يرتدون ولا يرتابون لحظة أن الإسلام حق، وأن وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - حق.

وما أجمل ما قاله الدكتور محمد حسين هيكل (٢) حيال هذا الموقف حيث يقول:

(أما موقف ثقيف منه أول الأمر فتلك آية الله على الحق أن يكون في حاجة إلى صلابة في النفس وقوة في الحق لينتصر بأمر الله ولكنهم أقبلوا طائعين لا مكرهين).

ومن عاداتهم الجاهلية إذا استبطؤا المطر وحل البلاء جمعوا بقرًا وعقدوا


(١) الدرر المفاخر ٨٠.
(٢) في منزل الوحي ٣٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>