للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها، قال في كتابه: نعم أنعم الله عليكم، ذكرتم أن سيدي عز الإسلام محمد بن مطهر حكى عني شيئًا رويته عن الأفق الشرقي (١)، وأن فيه طائفة واسعة من قريش قد سمعني أصفهم، والأمر كما وصف لكم سيدي محمد. أول ما سمعت ذكرهم بصعدة عند وصول الشيخ: يحيى الحسائي بكتب الباشا والي الحسا إلى الإمام المؤيد بالله رضوان الله عليه، فإن الشيخ يحيى تعوق بصعدة عند رجوعة أيامًا، وسبب ذلك أنه بلغه أن آل خالد خرجوا نحو ألف فارس غزاة إلى أطراف نجران فخاف منهم، وذكر أنه لم يزل مرتسمًا بباله ذلك الخبر حتى اجتمع مع أعيان الفقهاء في رمضان عند الأمير ياسين بن الحسن في داره بصعدة للإفطار، وأخذ الأمير يحدث الفقهاء عن أحوال آل خالد المذكورين فوصف كل عجيب. وذكر أنه طن بباله حديث الأمير ولم ينفك عن خاطره حديث رواه الأمير عن صاحب له وأنه ذكر بأن اسم ذلك الرجل مضمون. وأن مضمون هذا من أعيان أهل الدواسر، ومحله يجمع ثمانين فارسًا. وقال: قال الأمير: فقلت له: أخبرني يا فلان -أي مضمون- بغريب، فقال: إن أعجب ما اتفق معنا أنا كنا مقيمين في فلاة نضرب بخيلنا نتبع الكلأ، وكنا لا نظن غريبًا يطمع في سرحنا إلا بوجه الشرق من المرعى، فكنا ذات يوم نطوف على المرعى وعندي ثمانية من الفرسان وإذا قد أشرف علينا رجل على فرس ساقاها ساقا نعامة، وأيطلاها أيطلا ظبي متنحلة، ليس عليها شيء من اللحم. قال: فتبعناه فلم نر إلا عثيره، وكأنه يطير بين السماء والأرض، ثم رجعنا والتقينا فكأنه لم يرم عنا بل هو أدنى إلينا من الظل، فعطفنا الخيل فرأينا عثير الفرس وهو يسبق الطرف. قال: فقلت لأصحابي: هذا عين قوم، اذهب يا فلان قل للسكان يركبون والمال يجمع، ونحن نتبع هذا الفارس إلى غايته. قال: فتبعناه فأشرفنا على نحو خمسمائة فارس كأنهم الليل الدامس. قال: فقلت في نفسي: هذه العين لهذه القوم. قال: فلم نكن إلا ريثما أدركونا، وأسرعوا إلينا، فتلقيناهم وتكاثرت جماعتنا، ودارت


(١) الأفق الشرقي: الجهة الشرقية من الجزيرة العربية، وتعرف حاليا في المملكلة العربية السعودية باسم: المنطقة الشرقية.

<<  <  ج: ص:  >  >>