الطعن، فكان أشدهم لنا نكاية ذلك الرجل الذي أشرف علينا أولًا. وقال لي أصحابي: اكفنا شر هذا الرجل ونحن نكفيك شر هؤلاء وإن كثروا. قال: وأنا أرمي بالحربة رميًا لا أكاد أخطئ الرمية، فانفردت له فأدراك ذلك مني فتثاقل لي، وعض من لجام فرسه حتى قربتُ وأرسلت الحربة فأممت شاكلة الفرس، فأرخى يده إلى هنالك وقبض تحت السنان، فلم تصل الحربة إلى الفرس ثم هز الحربة وقال شعرًا:
مولع بطراد الخيل من قبل الوعد … فارس آل خالد أسعد
قال: والتفت إلى عمي وهو رئيسنا وقد علم ذلك بشاهد الحال فرماه بالحربة حتى فلق صدره وقال: هذا فعل الرجال. قال: فَسُقِطَ في يدي وعلمت أنه أسعد المشهور فارس آل خالد، فقلت: اجعلني في حَسبَك. فقال: وهبت لك نفسك يا مضمون، أنت ومالك مضمون، فانقلبت إلى المحل وأخرجت ثلث المال وقلت: هو مالي، وأعطيناه ومن معه الثلثين، ودار ذكرهم بأكثر من هذا ثم لم يزل ذكرهم يتجدد عندي ونسبهم وأنهم من بني مخزوم، وأن خالد المذكور خالد بن الوليد حتى كان في بعض السنين أنا مقيم بهجر الكردم ولي هناك خلان فبلغني وصول رجل حسن الشارة، جميل الأبهة، معه أثقال وأمتعة، فتشوقت إليه ولن أتعرض له بذكر، فأعوزه تحصيل الجمال، فقيل له: لو أرسلت إلى فلان ليوجه من يعينك، فأرسل إلي بورقة لطيفة بقلم حسن وعبارة أعذب من الماء الزلال ووصف فيها حاجته إلى المعاونة، وأنه بعيد الثقة، متحمل الهدية من حيدر نبق بالقاف المثناة بنقطتين من فوق، ومحمد باشا أهل الإحساء، فأجبته ولم أحقق اسمه بل سميته باسم غاب عني غفلة مني، وفعلت ما يتوجب وعزمته للضيافة، فكتب إلي رقعة أخرى على عنوانها:
وما الكتب إلا للضيوف وحقها … بأن تلقى بالقبول وأن تقرى
كأنه وهم أني ما تأملت كتابه، ثم اجتمعنا فرأيت سيدًا حسنًا عذب الناشئة، غزير الحفظ للأبيات، محسن في الشعر غاية الإحسان، واسمه: عبد القادر ابن نعمة الله من