الفارس المغوار بأدوار بطولية مجيدة كانت مضرب الأمثال، أما والدي وماجد بن فايز فكانا يتقدمان صفوف المقاتلين في كل معركة من معارك تلك الحرب الطويلة وكان عمر والدي في ذاك الحين تسعة عشر عامًا. وحدثني والدي: أنه في أثناء إحدى المعارك الطاحنة خيم صمت الموت بين الفريقين في قتال رهيب. وعندما رأى الفارس ناصر بن سرحان العجمي أن قواتنا لَمْ تحتل مواقع الخصم وتطرده منها، عندما رأى ذلك، وفي لحظات احترقت فيها الأرض والأشجار بنيران البنادق والأسلحة المختلفة بيننا وبينهم، وإذ بناصر بن سرحان يشن هجومًا صاعقًا بمفرده على فرسه، فيمر بيننا كالسهم صائحًا بأعلى صوته ينادينا للزحف على الخصم وقد حفظه الله من الرصاص الذي انهمر عليه كالمطر حتى وصل إلى صخرة كبيرة كانت تقع في الموسطة بيننا وبينهم، فأخذ يطلق النار عليهم، ويلتفت نحونا و (ينخانا) بقوله: (أهل حائل .. أهل حائل) وكنت أنا وصديقي عبد الكريم الزيد المُلقَّب (كريم) كنت أنا وإياه نقاتل في المقدمة، وعندما رأينا ما فعل الفارس ناصر، وعندما سمعناه ينخانا ويستنهض نخوتنا في تلك اللحظة قمت أنا وعبد الكريم بهجوم مشترك على قوات الخصم وانطلقنا باتجاههم ركضًا. وكان لا يفصل بيننا وبينهم شيء، لا أشجار ولا حجر ولا شيء، وقد أمطرنا الخصم بنيران بنادقه وأسلحته المختلفة، ومررنا بالفارس العظيم ناصر وهو ينخانا ويثني علينا فتركناه على شمالنا وانحدرنا على قوات ابن شعلان فوجدنا أخاديد صغيرة من فعل السيول (بحيرات) فتترسنا بها واشتعلت النيران بيننا وبينهم وقد مكثنا في القتال على هذه الصورة، بينما ظل الفارس ناصر يستنهض بقية قواتنا ويدعوها للزحف واللحاق بنا وقد لبى نداءه المدعو صحن ابن قنيطر الشمَّري ثم تتابع زحف رفاقنا على قوات الخصم ولحقوا بنا جميعًا يتقدمهم الفارس ناصر بن سرحان فشددنا على قوات الخصم وطردناه من مواقعها وسيطرنا على مواقعهم، وقد كان انتصار ذلك اليوم عظيمًا وكان سبب ذلك الانتصار بطولة وشجاعة ناصر بن سرحان العجمي الذي كان هو نجم معاركنا طيلة تلك الحرب الطويلة على مدى ثلاثة أشهر.