لقد خلقنا الله سبحانه شعوبًا وقبائل لنتعارف ونتآلف لا أن نتنافر ويطعن بعضنا بعضًا.
وبعد أن عُرف الحق وزال الستار وبان المجهول عن أنساب بعض القبائل المطعونة ظُلمًا، آن لنا أن نزيل الغشاوة عن الأبصار ونمحو الخطأ والجهل من العقول، فالحق أبلج والباطل لجلج.
وكلمة هتيم ليست سُبَّة ولا تحقير، وإنما هيَّ اسم إنسان من خيرة بني عدنان، ولا تعني طعن بالأصل أو شرف النسب، ولا تعني صَلَبي أو نوري أو جنس حقير عند العرب.
قوموا من سُباتكم، ودعوا عنكم الأباطيل، واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، تفوزوا بالدارين.
ولو أبيتم وتمسكتم بالباطل لامتلأت قلوبكم بُغضًا وكراهية، ولأصبحتم غثاءً كغثاء السيل، ولدهمتكم الأمم الكافرة التي لا تعرف ربا ولا دينًا - وعند ذلك لا قدَّر الله - سيكون الجميع في الحضيض، الطاعن والمطعون، الظالم والمظلوم، هذا عقاب الحياة الدنيا لقوم تركوا تعاليم خالقهم، ولم يقبلوا نصح الناصحين.
أما في الآخرة فلن يفلت كائن حي في يوم تشخص فيه الأبصار للواحد القهار.
وهذه القصة الطريفة، أكرر فالغرض من سردها هو أن نقول للقبائل المتعالية يمكن أن يُسقط الله القادر شأن أي منها لتتجرع مرارة الظلم وتشرب من نفس الكأس الذي سقته لغيرها، إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة، وهيَّ أطول زمانًا وأقسى عذابًا.
وإليكم القصة:
قال المسعودي في مروج الذهب: عن الهيثم بن عدي الطائي، عن يزيد الرقاشي، قال: كان السفاح العباسي يعجبه مسامرة الرجال، وإني سمرت عنده ذات ليلة، فقال: يا يزيد أخبرني بأظرف ما سمعته من الأحاديث، فقلت: يا أمير المؤمنين وإن كان في بني هاشم، قال ذلك أعجب إليَّ، فقلت: يا أمير المؤمنين نزل رجل من تنوخ بحي من بني عامر بن صعصعة فجعل لا يحطُّ شيئًا من متاعه إلا تمثَّل بهذا البيت من الشعر:
لعمرُك ما تبلى سرائر عامر … من اللؤم ما دامت عليها جلودها