للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب عن مثل هذا التساؤل قد يتفق مع ما يلي:

١ - أن القبيلة ظلت محافظة على نمط حياتها القبلية التي تهتم بالرعي وتربية المواشي والأغنام والخيل وما هو في زمانهم مظهر من مظاهر القوة والغنى؛ لذلك استحوذ ذلك الأمر على كل جهدهم ونشاطهم وصار هاجسهم الأول هو الحفّاظ على أنعامهم والذود عنها والبحث عن مواطن الرعي لها.

٢ - قد يكون بقاؤهم في الجبال وبين أوديتها وقننها ورعانها وتلاعها سببًا في عدم اتصالهم بالدول ذات الحضارة في الشام والعراق وإن كان هناك أي اتصال فهو محدود وغير مؤثر وفعال، وهذا مجرد تصور واحتمال.

٣ - قد يكون هناك من الآثار والشواهد الحضارية التي تنبئ عنهم وعن ما وصلوا إليه ولكنها لا زالت مدفونة وبانتظار من يكتشف أسرارها ويسبر أغوارها وهذه مهمة العلماء ومن يهمهم الكشف عن ما في أرض العرب من الأسرار والآثار سيما وهي أرض الأمم التي تناسلت في هذه البقاع من بعد الطوفان، ومن يعلم فقد تكون جبال أجأ وسلمى وسواهما زاخرة بالآثار المطمورة تحت التراب.

٤ - ظلت القبيلة إلى صدر الإسلام مشغولة بحروبها ونزاعها مع القبائل ومع البطون الأخرى من نفس القبيلة، وهذا الأمر يجسد حقيقة تقول أن البناء الحضاري والتطور الفكري لا يحصل إلَّا بتوافر الأمن والسلطة القوية التي تكون لها الكلمة النافذة والهيبة الفاعلة على كل بطون القبيلة، وهذا لَمْ يحدث فقد ظلت الحروب بين بطون القبيلة ما يربو على القرن من الزمان كما ذكر الإخباريون عن حرب الفساد.

٥ - قد يكون ما أوردوه من أشعار تصب في قنوات الفخر والحماس والتفاخر ببطولاتهم وحروبهم وثاراتهم شواهد كافية على نمط حياتهم التي عاشوها، شأنهم بذلك شأن كل جماجم القبائل العربية التي هاجرت من اليمن، حيث لَمْ تورد المراجع قيام ممالك عربية ذات

<<  <  ج: ص:  >  >>